
هل يعيش الأمريكيون ربيع سياسي؟ بقلم : د. دانييلا القرعان
منذ أن تصاعدت المظاهرات في مدن أمريكية عديدة رفضًا لعودة ترامب إلى الواجهة السياسية بدأ البعض يتساءل همسًا هل تعيش الولايات المتحدة ربيعها الخاص؟ وهل تهتز قلعة الديمقراطية من الداخل كما اهتزت أنظمة الشرق في بدايات العقد الماضي؟ فالذي يحدث في أمريكا اليوم لا يشبه “الربيع” العربي في جوهره، بقدر ما يشبه عاصفة سياسية داخل حديقةٍ ديمقراطيةٍ واسعة والناس هناك لم يخرجوا طلبًا لإسقاط النظام بل للتعبير عن رفض وخوف من نهجٍ سياسي يعيد البلاد إلى انقساماتها الحادة ومعروف أنه لا يمكن للشارع الأمريكي أن يثور على دولته بل هو يحاورها بصوت مرتفع.
الفرق الجوهري أنّ مؤسسات الحكم في واشنطن ما زالت تعمل، والقضاء يُحاسب، والإعلام يراقب، والانتخابات قائمة بموعده،
إنه ربيعٌ من نوع آخر؛ ربيع يعصف بالأفكار لا بالحكومات، ويهزّ القناعات أكثر مما يبدّل الأنظمة، ومع ذلك لا يمكن تجاهل أن هذه الاحتجاجات قد تُضعف الجمهوريين انتخابياً، وتضع ترامب أمام مرآةٍ لم يعد يستطيع تكسيرها، مرآة الشعب المنقسم بين مؤيدٍ يرى فيه المنقذ، ورافضٍ يخشى منه الفوضى، وأمريكا اليوم لا تعيش ربيعاً بالمعنى الثوري، لكنها – برأيي الخاص – تمرّ بفصلٍ خريف سياسيٍ متقلّب، تتساقط فيه أوراق الخطاب التقليدي، وتُزهر فيه أسئلة جديدة عن مستقبل القوة والحرية في البلاد التي كانت تُعلّم الآخرين دروس التغيير.