4:21 صباحًا / 12 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

في رحيل زياد الرحباني وحرية جورج عبد الله ، الغياب والتحرر … وصوت لا يُساوم ، بقلم : د. مروان إميل طوباسي

في رحيل زياد الرحباني وحرية جورج عبد الله ، الغياب والتحرر … وصوت لا يُساوم ، بقلم : د. مروان إميل طوباسي

برحيل العبقري زياد الرحباني ، تخسر الساحة الثقافية العربية أحد أكثر وجوهها جرأةً وثورية. لم يكن زياد مجرد موسيقي أو كاتب مسرحي ، بل كان ضميراً فنياً حراً ، ناطقاً بلغة الناس المهمشين البسطاء ، وناقداً شرساً للنفاق السياسي والزيف الأجتماعي . هو ابن المدرسة الرحبانية ، أبن العظيمة فيروز التي غنت للقُدس ، لكنه تمرد عليها وعاد لها ليشقّ دربه الخاص ، فعبر عن نبض الشارع اللبناني والعربي ، بصوت ساخر ، متمرد ، وإنساني عميق . موسيقاه كانت هجينة ، صادمة أحياناً ، ومسرحه كان مرآةً لعصرنا ، يُسائل ولا يُهادن . رحيله اليوم يترك فراغاً كبيراً في الزمن الذي قَلت فيه الأصوات الحُرة . لكنه باقٍ في وجدان أجيالنا التي وجدت فيه مزيجاً نادراً من الفن الحُر ، والفكر التقدمي ، والتمرد الثوري الجميل .

لقد كانت فلسطين بالنسبة لزياد ليست مجرد قضية ، بل اختباراً أخلاقياً للإنسان والمثقف ، فوقف معها بصلابة، دون مساومة ، في كل مسرحية ولحن وموقف .

وفي لحظة رحيل زياد ، يعود إلى الضوء وجه آخر من وجوه العطاء الأممي الثوري ، جورج عبد الله ، المناضل اللبناني الذي تحرر أخيراً بعد أكثر من أربعة عقود في سجون فرنسا ، فقط لأنه آمن بحرية الشعوب ووقف مع فلسطين كقضية تحرر وطني من اجل الأرض والإنسان ، فدفع من حريته ثمنا لذلك دون أن يتمكن أحد من سلب ارادته أو مصادرتها رغم غرف التحقيق وزرد السلاسل . واليوم كأنّ القدر أراد أن يجمع بين لحظتين رمزيتين ، غياب الصوت الذي لم يساوم ، وعودة الجسد الذي لم ينكسر .

زياد وجورج ، كلٌ بطريقته ، كانا صوتاً وفعلاً ضد القهر والهيمنة والأستعمار ، حمل كلٌ منهما روحه على كفه دفاعاً عن القيم نفسها ، الحرية ، الكرامة ، والأنتماء الصادق لقضية فلسطين والمستضعفين بالأرض . فلسطين لم تكن لهما مجرد شعار ، بل جوهر معنى الإلتزام الإنساني . أحدهما ذهب إلى الخلود ، والآخر خرج إلى النور ، لكن كليهما يبقيان معاً في الوجدان ، كرمزين لا يُشبهان إلا أنفسهما ، وكشاهدين على أن زمن الفكر المقاوم لم يمت ، رغم كل محاولات التصفية والطمس .

وداعاً زياد ، ومرحباً بالحرية التي استعادت جورج ، لتقول لنا ، ما زال في الأرض من يشبه الحُلم ، وما زالت الحياة تنجب من يدافع عن انسانيتها فناً وفعلاً في حضرة الغياب ، هي جدلية الحياة والموت حتى النفس الأخير .

شاهد أيضاً

اللواء د. كميل يوجه نداء عاجل للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية لوقف العقوبات الجماعية بحق ابناء محافظة طولكرم

اللواء د. كميل يوجه نداء عاجل للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية لوقف العقوبات الجماعية بحق ابناء محافظة طولكرم

شفا – وجه محافظ طولكرم اللواء د. عبد الله كميل نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي، والجمعية …