9:18 مساءً / 28 يوليو، 2025
آخر الاخبار

في رحيل زياد الرحباني وحرية جورج عبد الله ، الغياب والتحرر … وصوت لا يُساوم ، بقلم : د. مروان إميل طوباسي

في رحيل زياد الرحباني وحرية جورج عبد الله ، الغياب والتحرر … وصوت لا يُساوم ، بقلم : د. مروان إميل طوباسي

برحيل العبقري زياد الرحباني ، تخسر الساحة الثقافية العربية أحد أكثر وجوهها جرأةً وثورية. لم يكن زياد مجرد موسيقي أو كاتب مسرحي ، بل كان ضميراً فنياً حراً ، ناطقاً بلغة الناس المهمشين البسطاء ، وناقداً شرساً للنفاق السياسي والزيف الأجتماعي . هو ابن المدرسة الرحبانية ، أبن العظيمة فيروز التي غنت للقُدس ، لكنه تمرد عليها وعاد لها ليشقّ دربه الخاص ، فعبر عن نبض الشارع اللبناني والعربي ، بصوت ساخر ، متمرد ، وإنساني عميق . موسيقاه كانت هجينة ، صادمة أحياناً ، ومسرحه كان مرآةً لعصرنا ، يُسائل ولا يُهادن . رحيله اليوم يترك فراغاً كبيراً في الزمن الذي قَلت فيه الأصوات الحُرة . لكنه باقٍ في وجدان أجيالنا التي وجدت فيه مزيجاً نادراً من الفن الحُر ، والفكر التقدمي ، والتمرد الثوري الجميل .

لقد كانت فلسطين بالنسبة لزياد ليست مجرد قضية ، بل اختباراً أخلاقياً للإنسان والمثقف ، فوقف معها بصلابة، دون مساومة ، في كل مسرحية ولحن وموقف .

وفي لحظة رحيل زياد ، يعود إلى الضوء وجه آخر من وجوه العطاء الأممي الثوري ، جورج عبد الله ، المناضل اللبناني الذي تحرر أخيراً بعد أكثر من أربعة عقود في سجون فرنسا ، فقط لأنه آمن بحرية الشعوب ووقف مع فلسطين كقضية تحرر وطني من اجل الأرض والإنسان ، فدفع من حريته ثمنا لذلك دون أن يتمكن أحد من سلب ارادته أو مصادرتها رغم غرف التحقيق وزرد السلاسل . واليوم كأنّ القدر أراد أن يجمع بين لحظتين رمزيتين ، غياب الصوت الذي لم يساوم ، وعودة الجسد الذي لم ينكسر .

زياد وجورج ، كلٌ بطريقته ، كانا صوتاً وفعلاً ضد القهر والهيمنة والأستعمار ، حمل كلٌ منهما روحه على كفه دفاعاً عن القيم نفسها ، الحرية ، الكرامة ، والأنتماء الصادق لقضية فلسطين والمستضعفين بالأرض . فلسطين لم تكن لهما مجرد شعار ، بل جوهر معنى الإلتزام الإنساني . أحدهما ذهب إلى الخلود ، والآخر خرج إلى النور ، لكن كليهما يبقيان معاً في الوجدان ، كرمزين لا يُشبهان إلا أنفسهما ، وكشاهدين على أن زمن الفكر المقاوم لم يمت ، رغم كل محاولات التصفية والطمس .

وداعاً زياد ، ومرحباً بالحرية التي استعادت جورج ، لتقول لنا ، ما زال في الأرض من يشبه الحُلم ، وما زالت الحياة تنجب من يدافع عن انسانيتها فناً وفعلاً في حضرة الغياب ، هي جدلية الحياة والموت حتى النفس الأخير .

شاهد أيضاً

الاحتلال يُصيب شابا بالرصاص الحي عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل

الاحتلال يُصيب شابا بالرصاص الحي عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل

شفا – أصيب شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل …