8:44 مساءً / 28 يوليو، 2025
آخر الاخبار

بين مؤتمرات الحلول السلمية وخريطة الدولة المؤجلة … أين موقع الفعل الفلسطيني ؟ بقلم : محمد التاج

بين مؤتمرات الحلول السلمية وخريطة الدولة المؤجلة … أين موقع الفعل الفلسطيني ؟ بقلم : محمد التاج


نيويورك تتحرك … لكن فلسطين لا تبنى بالتصفيق !!!

بين جدران زجاجية شاهقة وبروتوكولات مشحونة بالمجاملات، انطلقت اليوم في نيويورك أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى بشأن تسوية القضية الفلسطينية، تحت عنوان السلام، وبرعاية سعودية – فرنسية. المؤتمر الذي طال انتظاره، والذي تأجل سابقا تحت وطأة التصعيد في غزة، يعود الآن ليعيد طرح سؤال قديم : هل يمكن أن تولد الدولة الفلسطينية في قاعات المؤتمرات، أم أن الجواب الحقيقي ما زال في الشارع، تحت الركام، خلف القضبان، وفي خنادق الفعل الشعبي المقاوم؟

من مدريد إلى أوسلو، ومن باريس إلى أنابوليس، تتوالى محطات التفاوض وعناوين المؤتمرات، ولكن على الأرض الفلسطينية، تتوسع المستوطنات، ويتعمق القيد، ويستنزف الجوع في غزة. والآن، في نيويورك، تتكرر العبارات : حل الدولتين، خارطة طريق، إعادة الإعمار، وكأننا امام اعادة إنتاج ذات الأسطوانة، دون مساءلة جدية عن معنى هذا الحل إذا لم يكن مقرونا بتفكيك الاحتلال ومحاسبة مجرميه.

ما يلفت في هذا المؤتمر هو غياب طرفين محوريين : الولايات المتحدة التي قاطعت بدعوى عدم التوازن، وإسرائيل التي ترى في حل الدولتين خطرا وجوديا رغم أنها قوة الاحتلال. ومع ذلك، يصر رعاة المؤتمر على الدفع نحو سلام يقوم على مبادئ الشرعية الدولية. لكن كيف يمكن الحديث عن شرعية في غياب قوة تنفيذية، وفي ظل ميزان قوى مختل يجعل من الدولة الفلسطينية مجرد شعار تتقاذفه البيانات؟

ليست الدولة الفلسطينية غاية في ذاتها، بل تعبير عن سيادة، وعن كرامة شعب، وعن تحرير لا يمكن أن يتحقق إلا بثلاثية الفعل : نضال على الأرض، وحدة سياسية، وتماسك وطني. الاعتراف الدولي مفيد، لكنه لا يصنع سيادة. والمؤتمرات تشكل أدوات ضغط، لكنها لا تنشئ واقعا سياسيا إلا إذا ترافقت مع برنامج تحرري شامل.

ألم يعلمنا التاريخ أن الاعترافات المجانية بلا تكلفة تشبه بيانات التضامن الفارغة؟ ألم تظهر السنوات أن أكثر ما يخيف الاحتلال ليس المفاوضات، بل صور الشبان في الميادين، وهتافات الخان الأحمر، وصمود العائلات في الشيخ جراح، وابتسامة الأسيرات في سجون الاحتلال؟

لعل ما ينقص المؤتمر أكثر من أي شيء، هو الصوت الفلسطيني الجريء الذي يقول : لن تبنى الدولة لنا، بل بنا. لن ننتظر فرنسا لتوقع، ولا الرياض لتضغط، بل نحتاج إلى :

  • إعادة بناء منظمة التحرير على أسس وطنية شاملة.
  • إعادة الاعتبار للمشروع الوطني التحرري.
  • تبني برنامج مقاومة موحدة، سياسية وميدانية.
  • إعلان الانفكاك عن أوسلو وملحقاته.

ختاما … قد تصدر نيويورك وثائق، وتعرض خطط، وقد تعد خطوات تكميلية في أروقة الأمم المتحدة، لكن الحق الفلسطيني لا يستعاد بالتصفيق، بل بالفعل، وبالكلفة، وبالإصرار الذي لا يعرف اليأس.

إذا كانت العواصم تعد خرائط، فعلى الأرض الفلسطينية أن ترسم حدود الدولة بدماء شهدائها، وصمود أهلها، وإرادة حرة لا تباع ولا تشترى.

شاهد أيضاً

الاحتلال يُصيب شابا بالرصاص الحي عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل

الاحتلال يُصيب شابا بالرصاص الحي عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل

شفا – أصيب شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، عند المدخل الشمالي لمدينة الخليل …