
نجح ابنك فاذبح خاروفا… واذبحنا معه! بقلم : د. وليد العريض
نجح أبناؤكم، نعم
رفعوا رؤوسكم ورفعوا أملًا في وطنٍ أثقلته الهزائم والجراح.
نجح محمد وأشرقت عينا أمه التي قضت ليالٍ على ضوء الشمعة تنتظر هذا اليوم.
نجحت ليان وخرج والدها يوزّع الحلوى وقد كان بالأمس مهدّدًا بالفصل من عمله.
نجح العشرات بل المئات
وها هي فلسطين، رغم الألم، تُنجب فرحًا عنيدًا جديدًا.
نبارك لكم من القلب… من دم القلب ومن وجع القلب ومن رجفة القلب في مخيمات غزة… في خيامها الممزقة
في البيوت التي لم يبق منها غير رماد الذكريات.
نقولها لكم من تحت الركام
نقولها وأنتم تصدحون في الصالات، وتتنافسون في نوع الكيك وحجم الفقرات الغنائية وعدد الأطباق.
نقولها وأنتم تطلقون الرصاص في الهواء وكأن السماء لا يكفيها دمارها اليومي، فتحملونها فوق ما تحتمل!
يا أهلنا في الضفة
يا أحبابنا في سلفيت وباقي مدن الضفة الغربية ، يا قرانا الطيّبة،
نُقدّر فرحتكم، ونشاركها بنبل، ولكن:
ألم تُشبعكم غزة موتًا؟!
أما اكتفيتم من صور الأطفال وهم يصرخون تحت الأنقاض؟!
كيف تأكلون بشهية وهناك من يأكل من بقايا القصف؟
كيف ترقصون على أنغام الطبول وهناك من لا يسمع سوى أزيز الطائرات؟
أيّ نجاح هذا الذي يُترجم إلى وليمة… في حين أن إخوتكم لا يملكون فتات الخبز؟!
إنها ليست دعوة لكتم الفرح، لا والله…
بل نداء لأنسنة الفرح لأن يكون الفرح فلسطينيًا حقيقيًا
فرحًا يشبه المقاومة: هادئًا، نبيلًا، صادقًا عميقًا.
فرحًا يُدار في بيوتكم، بصمت يليق بالأحرار
فرحًا يُقدّم فيه الدعاء بدل الغناء،
والدعاء للمحرومين قبل المباركة للناجحين.
كفى
كفى تصديرًا مصطنعًا لأفراحٍ تجرح القلوب.
كفى مجونًا بوجه الحزن المقدّس.
كفى تسابقًا على قاعاتٍ تُشبه ملاعب الاستعراض لا ميادين التربية.
إنّ من نجح هذا العام، هو من عرف أن العلم رسالة،
وأن التفوق مسؤولية،
وأنّ أول درس يجب أن يُكتب على صدره:
“ارحم أخاك الجائع قبل أن تذبح خاروف نجاحك!”
إلى كل الناجحين والناجحات… مبارك من القلب.
وإلى من لم يحالفه الحظ… أنتم أيضًا مستقبل فلسطين.
لكن دعونا ننجح جميعًا في امتحان الضمير قبل أن نفشل في شهادة الإنسانية.
- – د. وليد العريض – مؤرخ، أديب، شاعر وكاتب صحفي