3:35 مساءً / 16 يوليو، 2025
آخر الاخبار

السلم الأهلي ، جدار الصمود الداخلي في وجه الاحتلال ، بقلم : د. عمر السلخي

السلم الأهلي: جدار الصمود الداخلي في وجه الاحتلال ، بقلم : د. عمر السلخي

في مواجهة الاحتلال… لا بد من تحصين البيت الفلسطيني أولًا

العدو واضح… لكن الجبهة الداخلية تحتاج ترميمًا

لم يعد خافيًا على أحد أن الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بسرقة الأرض، بل يعمل ليل نهار على تفكيك النسيج الفلسطيني من الداخل. أهدافه معلنة، وسياساته معروفة: تهويد، استيطان، تقسيم، تجويع، وتشويه الوعي الجمعي.

لكن ما يُقلق أكثر من عنف الاحتلال، هو ما يتهدد الجبهة الداخلية الفلسطينية من تآكل للسلم الأهلي، وغياب ثقافة الحوار، وتصاعد خطاب الكراهية والتحريض الداخلي، وازدياد الفجوة بين مكوّنات المجتمع الواحد.

في مثل هذا السياق، يصبح السلم الأهلي ليس مجرد مطلب اجتماعي، بل ضرورة وطنية لتحصين المشروع الفلسطيني ومناعته من الداخل.

ما هو السلم الأهلي؟ ولماذا أصبح أولوية وطنية؟

السلم الأهلي لا يعني غياب الصراعات فقط، بل هو حالة من التفاهم والتعاون بين مكونات المجتمع الفلسطيني بكل تنوعاته السياسية والجغرافية والدينية.
هو عقد اجتماعي غير مكتوب، يقوم على:

احترام التعددية.

حل الخلافات بالحوار لا بالعنف.

الحفاظ على نسيج المجتمع في مواجهة التفكك.

منع انزلاق الخلاف السياسي إلى صراع أهلي.

ومع تصاعد التحديات التي يفرضها الاحتلال، لا يمكن خوض معركة التحرر الوطني بجبهة داخلية مفككة، أو بعلاقات قائمة على الشك والتخوين والاحتقان.

كيف يُهدد غياب السلم الأهلي المشروع الوطني؟

غياب السلم الأهلي لا يعني فقط مظاهر العنف أو الفوضى، بل ينعكس على كل مناحي الحياة:

انعدام الثقة بين المواطن والسلطة، مما يضعف الشرعية.

تراجع روح المبادرة المجتمعية والشعور بالانتماء.

تغذية الانقسامات السياسية وتعميق الفجوة بين الفصائل.

تحوّل الخلافات إلى نزاعات عشائرية أو مناطقية.

استثمار الاحتلال لهذه الثغرات لزرع الفتنة وضرب التماسك.

وبالتالي، فإن الحفاظ على السلم الأهلي ليس فقط شأنًا داخليًا، بل جزء من معركة الصمود الوطني.

مسؤوليات جماعية: من يتحمل مسؤولية تعزيز السلم الأهلي؟

تعزيز السلم الأهلي مسؤولية جماعية، تتطلب أدوارًا تكاملية من جميع الأطراف:

القيادة السياسية: من خلال خطاب وحدوي، وإنهاء الانقسام، ومنع التحريض، واحترام التعدد.

الهيئات المحلية والمجتمعية: بتعزيز ثقافة الحوار داخل البلدات والمخيمات، واحتواء النزاعات قبل تفاقمها.

المؤسسات التعليمية والإعلامية: عبر نشر الوعي، وترسيخ قيم التسامح، واحترام الآخر.

المواطنون أنفسهم: برفض الفتنة، ونبذ العنف، وعدم الانجرار وراء الشائعات والتحريض.

خطوات نحو تعزيز السلم الأهلي في فلسطين

من أجل إعادة بناء الثقة وتعزيز مناعة المجتمع، هناك مجموعة من الخطوات العملية المقترحة:

إطلاق ميثاق وطني للسلم الأهلي، تلتزم به الفصائل والمؤسسات والأفراد.

تشكيل لجان مجتمعية لحل النزاعات بعيدًا عن السلاح والعنف.

تنفيذ برامج توعوية في المدارس والجامعات حول المواطنة والتسامح.

تشجيع الإعلام على نشر المحتوى الإيجابي، والابتعاد عن الإثارة والانحياز.

إحياء القيم المجتمعية الأصيلة، مثل العونة، والمصالحة، والتكافل.

لا مقاومة حقيقية بدون جبهة داخلية متماسكة

السلم الأهلي ليس شعارًا نُزين به البيانات، بل ركيزة مركزية في مشروعنا الوطني.
لا يمكن أن نقاوم الاحتلال، ونصمد في وجهه، ونحن نُنازع بعضنا البعض داخليًا.
ولا يمكن أن نطالب العالم باحترام حقوقنا، إذا كنا لا نحترم أنفسنا كمجتمع موحد.

لذلك، فإن تحصين الجبهة الداخلية يبدأ من بناء ثقافة السلم الأهلي، وتعميمه كسلوك يومي وموقف وطني، يُمارس في المدرسة، والحي، والمؤسسة، والميدان.

فهل نعيد ترتيب أولوياتنا… ونبدأ أولًا بترميم البيت الفلسطيني من الداخل؟

شاهد أيضاً

رام الله: ورشة عمل لعرض ومناقشة نتائج دراسة حول منظومة المتابعة والتقييم في المؤسسات الحكومية

شفا – نظّمت وزارة التخطيط والتعاون الدولي، بالتعاون مع المدرسة الوطنية الفلسطينية للإدارة، اليوم الأربعاء، …