9:25 مساءً / 19 أبريل، 2024
آخر الاخبار

الفايروس المظلوم ! بقلم : المحامي ثائر أبو لبدة

الفايروس المظلوم ! بقلم : المحامي ثائر أبو لبدة

أن يمضي هذا الوقت دون استخلاص العبر والدروس على الصعيد العالمي، فهذه جائحة أخطر من جائحة الفايروس نفسه، فبينما ينشغل الكثيرون اليوم بمتابعة الجدل المحتدم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ومسلسل تبادل الاتهامات حول سبب انتشار الفايروس وكيفية انتشاره. يواصل الفايروس حصد الأرواح غير آبهٍ بحسابات الدول، محتفظاً بسرية عمله ومسدلاً الستار على شكل النهاية وموعدها.
جانبان لا يبشران بخير البتة، والفايروس المستجد بريء منهما براءة الذئب من دم يوسف؛ أما الجانب الأول فهو تصاعد الحديث عن الاقتصاد على حساب الصحة، وهذا لا يعني العكس على الإطلاق. بل إن الأسلم في هذا المقام هو محاولة إمساك العصا من المنتصف؛ قدر الإمكان!
بالفعل، إن إغفال عجلة الاقتصاد أيضاً هي كارثة حقيقة ستستمر خلال انتشار الفايروس وبعد زوال تأثيره. لكن هذا لا يعني أبداُ الاستعجال والتذمر المستمر.
من حظ العالم السيء، أن معظم رؤساء الدول الكبرى هم إداريين، رجال اقتصاد وأعمال، وليسوا أطباء؛ وهذا ما يجعلهم يفكرون دائماً بمنظومة المال والاقتصاد، إلى جانب التفكير بمصالحهم السياسية الأخرى المرتبطة أيضاً بهذه المنظومة.
الفايروس العالمي، لم يجد حتى الآن عالماً متحداً يقف في مواجهته؛ لا على صعيد الصحة ولا حتى على صعيد الاقتصاد. هذا الممكن الذي لم يحدث؛ ولن يحدث – ليس تشاؤماً – ولكن لأنّ حكومات الدول المهيمنة على هذا العالم؛ ما زالت تؤمن بدمار الكلّ الدولي على أن يُخدش إصبعها. وهذا ما لم يحصل مع هذا الفايروس، كونّه سيد نفسه.
كم هو تعيسٌ هذا العالم، كوّنه ما زال عاجزاً عن إيجاد صيغة للتعاون بالمجال الصحي على المستوى العالمي، رغم رتابة تعاونه بمجالات أخرى كثيرة – منها ما لم يفد البشرية بل وأساء للإنسانية كثيراً -.
ربما ينقض البعض هذا التفكير، ويصفه بالمبالغ فيه؛ لكنّ التجارب تنقض تفكير هذا البعض؛ فليس مهماً إطلاقاً عقد المؤتمرات الصحفية والتقاط الصور التذكارية وتوقيع اتفاقيات التفاهم بقدر أهمية الممارسة الفعلية عند حلول الأوبئة والكوارث المهددة للأحياء!
والجانب الثاني الذي يدعونا للقلق اليوم، غداً، وفي كل وقت، هو غياب مبدأ حسن النية في التعامل بين الدول في الأزمات. فمنذ الأسابيع الأولى لانتشار الفايروس، بدأنا نشاهد مسلسل التلاوم، بين الصين وأمريكا. ومحاولة كل منهما شيطنة الأخرى، وإلقاء التهم المتعلقة بتصنيع الفايروس ونشره. الحرب بين الدولتين والتي كان من الأوجب أن تتوقف في ظل ” كورونا “، أشعلها الخوف من المستقبل، ومن شكل العالم بعد أن تنتهي هذه الجائحة، كل من الدولتين لا تريد أن تخسر، بل تريد وحدها أن تفوز في كل المجالات!
ما حرب ” كورونا ” بين الصين وأمريكا إلا استكمالاً للصراع على المقعد الأول، وهذا لا يعني بالضرورة أن هذه الجائحة هي أمرٌ مدبّر، ولكن هو محاولة كل من الدولتين التقدم على الأخرى مستغلةً الظروف التي نشأت نتيجة تفشي هذا الفايروس؛ معتمدةً مبدأ ” كل يحول مجرى الساقية إلى طاحونته “!
لم يظهر حتى الآن بأن للفايروس أي علاقة بالحرب الدائرة بين البلدين، ولكن الحرب قائمة. في الاقتصاد، في التنافس العسكري والنووي، وفي محاولة السيطرة على العالم. لكن؛ على الأقل كان من الأفضل أن تبقى هذه الصراعات – في هذا الوقت – خارجاً، طالما أن هذا الوباء يضرب الانسانية جمعاء!
غياب مبدأ حسن النية بالتعامل بين الدول، خاصة في ظلّ هذه الجائحة التي تتخبط بها الدول والحكومات، وفي ظل انعدام التعاون العالمي في المجال الصحي، ينذر بعواقب وخيمة قد تكون أخطر في نتائجها من أي فايروس عرفته البشرية منذ قيامتها.
الفايروس المظلوم؛ جاء لعالمٍ ملأته الأنانية، حب المال، وحب السلطة، هذا ما ساعد في تفشيه بسهولة بين المشرق والمغرب. ولو كان هذا العالم يحب التضحية، الفداء، والفضيلة، لكنّا اليوم عالمياً بحالٍ أفضل مما نحن عليه!

شاهد أيضاً

الاتحاد الأوروبي وواشنطن يفرضان عقوبات على مستوطنين ومنظمة “ليهافا”

شفا – فرض الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة، عقوبات على أربعة مستوطنين ومنظمتين استيطانيتين بسبب أعمال …