11:36 صباحًا / 22 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

العلاقات الصينية-السعودية تتجاوز البُعد الثنائي بشكل متزايد ، بقلم : تيان جيانينغ

العلاقات الصينية-السعودية تتجاوز البُعد الثنائي بشكل متزايد ، بقلم : تيان جيانينغ


في نهاية عام 2025، قام وزير الخارجية الصيني وانغ يي بزيارة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن، بالتزامن مع الذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية. لم تقتصر هذه الزيارة على ترسيخ الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين فحسب، بل أعطت دفعة جديدة للعلاقات الثنائية.

وخلال زيارته للمملكة العربية السعودية، أكد وزير الخارجية وانغ يي أن العلاقات الصينية السعودية “تجاوزت البُعد الثنائي بشكل متزايد، لتكتسب أهمية استراتيجية وتأثيرا عالميا على نحو متنام.” يلخص هذا التصريح بدقة التوجه المتنامي للتفاعل الصيني السعودي في السنوات الأخيرة: من التعاون الاقتصادي والتجاري التقليدي إلى الثقة الاستراتيجية المتبادلة، والتبادلات الثقافية، والتعاون في مجال الحوكمة العالمية، مما يُظهر المسؤولية الاستراتيجية لكلا البلدين كدولتين ناميتين رئيسيتين. كما تُمهد هذه الزيارة الطريق لتطوير العلاقات الصينية السعودية في عام 2026، بقيادة دبلوماسية القادة، دافعةً المنفعة المتبادلة والثقة المتبادلة والوحدة والتعاون إلى مستوى جديد.


الثقة السياسية المتبادلة هي الحجر الأساسي المتين للعلاقات الصينية السعودية. قال الوزير وانغ يي إن الصين لطالما اعتبرت السعودية أولوية في دبلوماسيتها تجاه الشرق الأوسط وشريكة مهمة في استراتيجيتها الدبلوماسية العالمية، وهي على استعداد للعمل مع السعودية لتنفيذ التوافق المهم الذي توصل إليه قائدا البلدين ومواصلة دعم كل منهما للآخر في القضايا ذات المصالح الجوهرية. وأكد الجانب السعودي مجددا تمسكه بمبدأ صين واحدة، ويدعم الصين بحزم في حماية سيادتها الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها، وتعارض بحزم تدخل القوى الخارجية في الشؤون الداخلية للصين. وأعربت الصين عن دعمها لجهود السعودية لتطوير وتعزيز علاقاتها مع إيران، وأشادت بالجانب السعودي لدوره الرائد وجهوده في تعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي. وخلال الزيارة، وقع الجانبان اتفاقية بشأن الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخدمية والخاصة، مما يسهل التبادلات الشعبية ويعزز أسس التعاون.


إن التعاون الاقتصادي والتجاري يمثل حجر الزاوية في العلاقات الصينية السعودية، ويشهد فرصا جديدة للارتقاء النوعي. ربط الوزير وانغ يي هذه الزيارة مع “الخطة الخمسية الخامسة عشرة” للصين، وأكد أن الجانب الصيني يرغب في تعزيز التنسيق بين الخطة ورؤية 2030 السعودية، وتعميق التعاون في المجالات التقليدية مثل الطاقة والاستثمار، وتوسيع التعاون في المجالات الناشئة مثل الطاقة الجديدة والتحول الأخضر. باعتبارها أكبر شريك تجاري للصين في منطقة الشرق الأوسط، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والسعودية 107.53 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وما زالت الصين أكبر شريك تجاري للسعودية.


أما التبادلات الثقافية والإنسانية، فإنها تضيف عمق العلاقات الصينية السعودية. في إطار “عام الثقافة الصينية السعودية” عام 2025، قام المركز الوطني الصيني للفنون المسحرية بجولة فنية هي الأولى من نوعها في السعودية، حيث شارك في عروض مشتركة لأعمال فنية من كلا البلدين مع كورال «كرولا» المحلي، الأمر الذي يجسد روح التسامح والاستفادة المتبادلة، وتعكس مقولة «الموسيقى لغة بلا حدود». كما استضافت مدينة جدة ملتقى للتبادل في صناعة السينما بين البلدين، وكان يركّز الملتقي على التوزيع والتكنولوجيا والإنتاج المشترك للأفلام، بهدف تعزيز الحوار الثقافي عبر جسور فنية. وعلى المستوى الشعبي، كان قصة من الشعب مؤثرة جدا، وهي إنقاذ ثلاثة شبان سعوديين من منطقة حائل لمهندسين صينيين من السيول في نوفمبر 2025، وحصولهم على تكريم من الجانب الصيني، ويربط هذا العمل البطولي شعبي البلدين عبر الجبال والبحار. خلال زيارة أحد الشبان يدعي أحمد إلى الصين، قال ” إن ذلك الانقاذ كان بدافع الغريزة، وهذا هو التزامنا كسعوديين”. بينما أشاد السفير الصيني في السعودية تشانغ هوا بأنه يعكس القيم المشتركة للشعبين، مثل الكرم وحسن الضيافة والتقدير للأخلاق. وإلى جانب ذلك، قد أُدرجت اللغة الصينية في عدد من المدارس الثانوية السعودية، ما عزز التبادل بين الشباب، كما طبقت الصين سياسة الإعفاء من التأشيرة من جانب واحد للمواطنين السعوديين، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أعداد السياح السعوديين إلى الصين. كل هذه الأمثلة الحية تظهر الدفء الإنساني في العلاقات الصينية السعودية.


في عام 2026، ستحتفل الصين والسعودية بالذكرى العاشرة لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وهو منعطف مهم يربط الماضي بالمستقبل للعلاقات الصينية السعودية. أعرب وزير الخارجية الصيني وانغ يي عن ترحيب الصين بزيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى بكين للمشاركة في الدورة الثانية من القمة الصينية-العربية، ووضع خارطة طريق مشتركة لتطوير العلاقات الصينية العربية. إن الصين مستعدة لأن تكون الشريكة الأكثر جدارة بالثقة والاعتماد عليها في عملية النهوض الوطني لدى السعودية، وتعزيز التعاون الشامل متبادل المنفعة مع الجانب السعودي، وترسيخ التعاون التقليدي في مجال الطاقة، وتوسيع التعاون في الصناعات الناشئة والمستقبلية، وفتح آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والسعودية. كما تدعم الصين السعودية في استضافة معرض إكسبو الرياض العالمي 2030، وتعرب عن استعدادها للمشاركة. ان هذه الأحداث الهامة ستبرز التأثير العالمي للعلاقات الصينية السعودية، وتُعزز الجهود المشتركة للبلدين لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية يدا بيد.

شاهد أيضاً

الصين تدفع العملية التشريعية لمسودة قانون البيئة الإيكولوجية قدما

شفا – تشهد الصين تقدما في العملية التشريعية لمسودة قانون البيئة الإيكولوجية، حيث تم تقديم …