تقرير : الاستثمارات الصينية تدعم توطين الصناعة في مصر وسط تعزيز العلاقات الثنائية

شفا – نقلاً عن (شينخوا) ، تسهم الاستثمارات الصينية المتزايدة في مصر في إعادة تشكيل المشهد الصناعي للبلاد، محولة التركيز من الاعتماد على التجارة إلى التصنيع المحلي الموجه للتصدير، وذلك في ظل تعزيز العلاقات الثنائية.

وفي السنوات الأخيرة، تركزت الاستثمارات الصينية في مصر على إنشاء مشروعات صناعية وتنفيذ توسعات صناعية، مما يدعم مساعي القاهرة لتوطين الإنتاج، وتعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة، وترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للتصنيع في ظل حالة عدم اليقين التي تخيم على التجارة العالمية.

وينظر رجال الأعمال المصريون إلى هذا التحول كمؤشر رئيسي على عمق الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والصين.

وقال مصطفى إبراهيم نائب رئيس لجنة الصين في جمعية رجال الأعمال المصريين، إن “مصر تسعى إلى توطين الصناعة، وتستثمر بعض الدول في مصر عن طريق شراء المصانع، وهو ما يعد نقلا للملكية وليس استثمارا حقيقيا، بينما تأتي الصين لبناء مصانع حقيقية”.

وأضاف إبراهيم، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن توسع المشاريع الصينية في مصر يعكس قوة العلاقات الاقتصادية والسياسية الثنائية الحالية، والتي هي “في أوجها”.

بدوره، صرح وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري حسن الخطيب، بأن المرحلة المقبلة من التعاون الاقتصادي مع الصين يجب أن تركز على توسيع الإنتاج المشترك، وتعزيز الصناعات التحويلية المحلية الموجهة للتصدير.

وأوضح أن رؤية “مصر 2030” للتنمية المستدامة تتوافق بشكل وثيق مع مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، لاسيما في المجالات المتعلقة بالتكامل الإقليمي، والترابط الصناعي، والتجارة عبر الحدود، مسلطا الضوء على الموقع الاستراتيجي لمصر الذي يربط ثلاث قارات، وتكاليف العمالة التنافسية، والاتفاقيات التجارية الواسعة التي أبرمتها مصر، والتي تتيح الوصول إلى الأسواق العالمية.

وأكد الخطيب، في مقابلة مع ((شينخوا))، أن “مصر جزء من مبادرة الحزام والطريق، ويمكن أن تكون جسرا يربط بين الصين والأسواق العالمية”.

ويتركز جزء كبير من هذا التوجه نحو التصنيع المحلي في المنصات الصناعية المتخصصة في مصر، لاسيما المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي برزت كمركز محوري للاستثمارات الصناعية الصينية.

وعلى مدى السنوات الثلاث والنصف الماضية، استقطبت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس استثمارات بلغت قيمتها الإجمالية 11.6 مليار دولار أمريكي، وشكلت الاستثمارات الصينية نحو 50% من إجمالي هذه الاستثمارات، وفقا لما ذكره وليد جمال الدين رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وأكد جمال الدين، على أهمية منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية المصرية (تيدا) في السويس، والواقعة ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي تضم حاليا أكثر من 200 مشروع صناعي وخدمي ولوجستي، باستثمارات إجمالية تبلغ حوالي 3.8 مليار دولار أمريكي.

وتُشغل شركة جوشي الصينية العملاقة للألياف الزجاجية، مصنعا رئيسيا داخل منطقة تيدا منذ أكثر من عقد، مما يعزز مكانة مصر كمنتج عالمي رئيسي للألياف الزجاجية، كما قامت شركتا هاير وميديا الصينيتان لتصنيع الأجهزة المنزلية بتوسيع قواعد إنتاجهما في مصر.

وتؤكد الإعلانات الأخيرة عن المشروعات كيف يترجم الاستثمار الصيني في مصر إلى عمليات تصنيع، ففي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أطلقت شركة صينية مشروعا لتصنيع الأواني الزجاجية، يتوقع أن يجذب استثمارات إجمالية تتجاوز 70 مليون دولار أمريكي، مستهدفا السوق المحلية وأسواق التصدير.

كما وقعت المنطقة عقودا لمشروع صيني لتصنيع الألياف الدقيقة بقيمة 40 مليون دولار، ومشروعا آخر لإنشاء مجمع متكامل للنسيج والملابس باستثمارات تقدر بنحو 100 مليون دولار، سيوجه معظم إنتاجه إلى أسواق التصدير.

وأشار الدكتور إبراهيم مصطفى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، نائب رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لشؤون الاستثمار سابقا، إلى أن التوسع الصناعي الصيني في مصر يأتي في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية وإعادة هيكلة سلاسل التوريد.

وقال مصطفى لـ ((شينخوا))، إن “الشركات الصينية تبحث بشكل متزايد عن وجهات موثوقة للتوسع الخارجي، وتشكل الاتفاقيات التجارية المصرية، وتكاليف الإنتاج التنافسية، والموقع الاستراتيجي، والحوافز الاستثمارية، أساسا متينا لجذب رؤوس الأموال الصينية”.

وحدد مصطفى قطاعات التصنيع، والطاقة الجديدة والمتجددة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمركبات الكهربائية، كمجالات ذات أولوية للتعاون.

وقال إن نفوذ الصين الصناعي في جميع أنحاء آسيا، واستثماراتها المتزايدة في مصر، قد تجذب أيضاً تدفقات استثمارية آسيوية أوسع إلى البلاد، مما يعزز طموح مصر في تعميق التوطين الصناعي.