11:46 مساءً / 17 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

أصوات الحرية ، الرواية الفلسطينية بين النضال والإبداع ، بقلم : د. منى ابو حمدية

أصوات الحرية ، الرواية الفلسطينية بين النضال والإبداع

أصوات الحرية : الرواية الفلسطينية بين النضال والإبداع ، بقلم : د. منى ابو حمدية

مباركٌ للثقافة الفلسطينية وللأدب الحر، هذا الزهو الذي يملأ الأفق، حيث تُعلن الكلمات عن صمودها في وجه الحصار والدمار، وتثبت أن الحرف لا يعرف قيود الاحتلال، وأن الكلمة أبلغ من أي جدار أو قيد.


أبارك للدكتورة رولا غانم هذا الفوز المستحق الذي تجاوز قيود الحصار وجدران الاحتلال، ليؤكد أن الأدب الفلسطيني لا يلين، وأن الذاكرة الوطنية قادرة على المقاومة، حتى من بين الركام والإصرار. روايتكِ “تنهيدة حرية” لم تنتصر في ميدان الرواية فحسب، بل جسدت انتصار الروح الفلسطينية على محاولات الطمس والإلغاء، محوّلة الألم إلى أمل، والوجع إلى جسر يصل من غزة ورام الله إلى العالم، من الحصار إلى الحرية، من السطر إلى السماء.


فوزكِ هو فوز لكل فلسطيني يؤمن بأن الكلمة سلاحٌ، وأن الحرف قد يكون بداية للحرية. وكل التقدير لكِ، ولـ يزن الأسير الذي حضر في روايتكِ رمزاً، ولفلسطين التي تحيا في كل كلمة حرة تُكتب باسمها.


كما نبارك للصديقة المبدعة مريم قوش هذا الإنجاز البهيّ بجائزة كتارا عن فئة الرواية غير المنشورة، فوزٌ يليق بقلمٍ آمن بالكلمة طريقاً للحرية، وبالأدب سلاحاً في وجه الحصار والعزلة.


مريم، ابنة غزة التي تكتب من رماد الحرب وضياء الأمل، لم تتمكن من مغادرة مدينتها لتسلّم جائزتها، إلا أن كلماتها كانت أكثر حضوراً من الجسد، وأبلغ أثراً من الصوت، عابرة للقلوب والحدود، ورافعة لراية الإصرار والجمال في سماء الوطن العربي.


لقد كان لي شرف اللقاء بها في معرض فلسطين الدولي للكتاب عام 2023، حين كنت أعمل في وزارة الثقافة الفلسطينية، ومكلّفة بملف أدباء غزة والوفود الثقافية. وكم كانت كلماتها عن الأدب تشبه حديثها عن وطن مصغّر في قلبها، وعن الكتابة كنافذة مفتوحة على الضوء رغم الظلام. لقد أثبتت مريم أن الأدب الفلسطيني لا يُحاصر، وأن الكلمة قادرة على اختراق الأسوار كما تفعل نسمة البحر حين تصل إلى المخيم، وأن غزة، رغم الحصار، تُنبت كل يوم زهرة موهبة جديدة تُعانق السماء.


ولا يقل إشراقاً عن ذلك، فوز الكاتب محمد الجبعيتي بجائزة كتارا للرواية العربية 2025، فوزٌ يتجاوز التكريم الشخصي ليكون احتفاءً بالروح الفلسطينية المبدعة، وبقدرتها على تحويل الوجع إلى جمال، والحكاية إلى ذاكرة حية لا تموت.


جاءت روايته صوتاً جديداً في سيمفونية السرد الفلسطيني، حيث تتشابك الذاكرة بالتاريخ، ويتعانق الحلم مع الألم في نص أدبي يكتشف لغته الخاصة ويؤسس لأفق جديد في الأدب المقاوم. لقد كتب فلسطين بوجدان شاب أنيق الحرف والفكر، وبحبرٍ نازفٍ من القلب، فامتلأت الصفحات برائحة الأرض وصدًى من أصوات الشهداء، وبملامح جيل ما زال يؤمن أن الحكاية سلاح والكلمة أقوى من الجدار. هذا الفوز ليس تتويجاً لموهبة فحسب، بل إشراق جديد لمسيرة الأدب الفلسطيني الذي لم ينقطع عن الإبداع رغم الحصار والوجع.


إنها لحظة فخر لكل فلسطيني، حيث تلتقي الكلمات وتتصاعد الأصوات، لتؤكد أن الثقافة لا تُهزم، وأن الرواية قادرة على حمل ذاكرة الشعب الفلسطيني إلى كل منابر العالم، وإعادة رسم ملامح الهوية بمداد من الصبر والعزيمة، وفتح أبواب الأمل على مصراعيها لكل الأجيال القادمة.


مباركٌ لكل من رولا غانم، مريم قوش، ومحمد الجبعيتي، ولفلسطين التي تُكتب بيد أبنائها كل يوم، رغم الصعاب، بصوتٍ لا يُقهر، وبحرارة حروفها التي لا تنطفئ.


فلتستمر الكلمة الحرة، ولتستمر الرواية الفلسطينية وطنا آخر يحمي الثقافة والهوية من النسيان والظلام.

  • – د. منى أبو حمدية – اكاديمية وباحثة – فلسطين

شاهد أيضاً

الصين : أربع قرى صينية ضمن قائمة الأمم المتحدة “لأفضل القرى السياحية” لعام 2025

شفا – أعلنت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة قائمتها السنوية لأفضل القرى السياحية. تم …