3:01 مساءً / 15 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

قراءة أدبية في هايكو السينريو (Senryu) الساخر ، للكاتبة فاطمة الفلاحي ، بقلم : الدكتور عادل جوده

قراءة أدبية في هايكو السينريو (Senryu) الساخر ، للكاتبة فاطمة الفلاحي ، بقلم : الدكتور عادل جوده

أطفال
يرددون “مطرًا”، “مطر”
خيام مهترئة!


جندي ~
تشغله أغان النازحين،
قتلته حجارة!


مهاجرون “حراقة” ~
يراهنون على الريح،
غدرهم البحر!


برد تشرين~
خيام في العراء تحترق،
شمعة حب!


لا كهرباء البتة~
كتب طفل رسالة إلى الله،
خذ الرئيس!


طفل نازح~
تغوص قدماه في الوحل،
سوق النخاسين!


ينصب خيمته~
على حدود ابتسامة أطفاله،
الريح تخرمها!


الشوارع~
تضيئها أسلاك الكهرباء،
فوانيس!


تانكا
عرس الجيران~
دام سبع ليالي،
ذبائح!
وعلى رائحة الشواء،
يغمسون الخبز، ويثملون بالجوع.
فاطمة الفلاحي – فرنسا
الأدب الساخر

هذه القراءة الأدبية تحاول الغوص في أعماق النصوص الشعرية المقدمة لتسليط الضوء على جمالياتها الساخرة ومراراتها الإنسانية
هايكو السينريو الساخر لفاطمة الفلاحي يمثل لوحات شعرية مكثفة تلتقط لحظات مأساوية من واقع إنساني متأزم باستخدام صورة شعرية حادة تخلط بين البراءة والعنف بين الأمل واليأس
في المقطع الأول يصبح ترداد الأطفال لكلمة مطر كأنه نشيد بريء لكنه يصطدم فجأة بخيام مهترئة تكسر توقع القارئ فالمطر الذي يفترض أن يكون رمزا للخصب والحياة يتحول إلى نذير شقاء في مكان لا يقى من بلله
ثم تأتي صورة الجندي المشغول بأغاني النازحين لتمثل مفارقة مريرة انشغاله بالمظاهر الثقافية للاجئين لا بمعاناتهم الحقيقية لينتهي مصرعه على يد حجارة تذكرنا بأدوات المقاومة البدائية في مواجهة آلة الحرب الحديثة
صورة المهاجرين الحراقة الذين يراهنون على الريح تشي بثقتهم العمياء في القدر والحظ لكن البحر يغدر بهم فيتحول رهانهم إلى خسارة مروعة تذكرنا بقسوة الطبيعة التي لا ترحم
في برد تشرين تتحول الخيام المحترقة إلى شمعة حب في استعارة مدهشة تخلق تناقضا صادما بين الدمار والدفء بين الاحتراق المادي والاحتراق العاطفي
أما رسالة الطفل إلى الله التي يطلب فيها أخذ الرئيس فهي قمة السخرية السوداء حيث يلجأ الطفل إلى القوة العليا بعد أن فقد إيمانه بالسلطة الأرضية في غياب الكهرباء الذي يرمز إلى غياب التنوير والأمل
صورة الطفل النازح الذي تغوص قدماه في الوحل لترمز إلى انغراسه في واقع آسن يقوده إلى سوق النخاسين في إشارة إلى استمرار أشكال الاستعباد بأشكال حديثة
ثم تأتي خيمة الأب المنصوبة على حدود ابتسامة أطفاله لتمثل هشاشة الأمان الذي يوفره والده بينما تخرمها الريح كما تخرم الابتسامة برودة الواقع
أما أسلاك الكهرباء التي تضيء الشوارع بدل الفوانيس فتكشف عن تناقض حضاري حيث تحل التكنولوجيا محل الجمال التقليدي في صورة تخلو من الدفء الإنساني
تانكا العرس تقدم مشهدا آخر من السخرية المرة حيث يدوم العرس سبع ليالي مع ذبائح تذكرنا بأعياد الأضاحي بينما يجوع الجيران فيتسكعون برائحة الشواء ويغمسون الخبز في الهواء ويثملون بالجوع في صورة تخلط بين الفرح والألم بين الشبع والحرمان
هذه النصوص تستخدم لغة شعرية مكثفة تعتمد على المفارقة والتناقض والانزياح لتكشف عن جراح إنسانية عميقة فاطمة الفلاحي تقدم من فرنسا رؤية ناقدة لواقع عربي متأزم باستخدام أشكال شعرية يابانية الأصل في حوار ثقافي مفتوح
السخرية هنا ليست مجرد تهكم بل هي أداة لكسر حاجز الصمت واللامبالاة إنها صرخة فنية تخلق الجمال من رحم القبح وتصنع الأمل من خلال كشف اليأس هذه النصوص تثبت أن الأدب الساخر يمكن أن يكون أعمق تعبيرا عن المأساة من البكائيات التقليدية
تحياتي واحتراماتي

شاهد أيضاً

قوات الاحتلال تقمع حملة قطف الزيتون 2025 في النزلة الشرقية

شفا – أطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز باتجاه المشاركين في فعاليات حملة قطف الزيتون 2025 …