3:16 مساءً / 15 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

قراءة أدبية في ” أنشودة الإنجيل الأخير” لرانية مرجية : لاهوت الإنسان الجديد بقلم : الدكتور عادل جودة

قراءة أدبية في “أنشودة الإنجيل الأخير” لرانية مرجية : لاهوت الإنسان الجديد بقلم : الدكتور عادل جودة

تقدم رانية مرجية في قصيدتها “أنشودة الإنجيل الأخير” مشروعاً لاهوتياً إنسانياً جديداً، حيث تُعِيدُ تعريف المقدس وتأسيسه في صميم التجربة الإنسانية اليومية.


فهي لا ترفض النص الديني التقليدي فحسب بل تستلهم روحه لتخلق “إنجيلاً” معاصراً يكون الإنسان كاتبه وبطلَه ونصَه.

منذ المطلع تُعلن القصيدة عن قطيعة مع المفهوم المادي للدين:
“لَيْسَ الإِنْجِيلُ كِتَابًا مِنْ وَرَقٍ وَحِبْرٍ”.
فالمقدس هنا ليس نصاً منزلاً ومختوماً بل هو “نَفَسٌ مِنْ نُورٍ” متجدد وفعلٌ حياتي متواصل. الإنجيل هو كلُّ سامح وكلُّ محبٍ للغريب وكلُّ حانٍ في مواجهة القسوة.
بذلك، تنتقل مرجية من لاهوت النص إلى لاهوت الفعل ومن تبجيل الشخصية المسيح التاريخية إلى تقديس “المسيح الصغير” الكامن في كل إنسان يختار الحنان.

تقوم القصيدة ببناء إنجيلها عبر “أناجيل” فرعية كل منها يختص بموضع من مواضع تجلي المقدس.
“إنجيل البداية” هو ميلاد الله في الخيارات الأخلاقية البسيطة:
في اللطف، وفي صبر الأمهات، وكدح العمال.
إنه لاهوت التجسد المستمر، حيث يصير الله طاقة خير في الإنسان. أما “إنجيل الأمهات” فهو تأليه للأنوثة والصبر الإنساني فـ”المرأةُ هِيَ الإِنْجِيلُ الَّذِي لَمْ يُكْتَبْ بَعْدُ”.
وتتحول القيامة من حدث غيبي إلى استعارة مجازية قوية تتجدد في أغنية أم فلسطينية لابنها، فتصير “شَجَرَةُ زَيْتُونٍ” تنبت من الصوت المنكسر، حارسةً للحلم.

“إنجيل الشارع” هو تبشير بالبسطاء والفقراء الذين يمارسون القداسة في الحياة اليومية.
الله هنا لا يسكن المعابد بل “بَيْنَ الْعَابِرِينَ”، في فعل التضامن غير المنتظر لثمن.
بينما يقدم “إنجيل الغفران” الحب والغفران ليس كفضيلة سلبية
بل كـ”قِمَّةُ الْقُوَّةِ” وشجاعة تتحدى منطق المقابلة والاستحقاق.

لا تهمل القصيدة عصرها فتقدم “إنجيل اليوم” الذي يقدس العالم الرقمي ليس كعدو للروح بل كفضاء جديد للقداسة إذا ما نُظِّفَ بالرحمة حيث تصير “كُلُّ ضَغْطَةِ زَرٍّ قَدْ تَكُونُ صَلَاةً”.
وأخيراً، “إنجيل النهاية” هو قيامة من الداخل، لا من القبور، تحقق الفردوس على الأرض وتجسده في قدرة القدس على النهوض من الركام، حيث “يَغْفِرُ الْحَجَرُ لِلرَّصَاصِ”.

في الختام..
توجز الشاعرة فلسفتها:
“فَكُونُوا أَنْتُمُ الْكَلِمَةَ / الَّتِي لَا تُقْرَأُ / بَلْ تُعَاشُ”.
الكلمة هنا لم تعد علامة لغوية، بل هي وجود أخلاقي وحضور فعلي في العالم.
بهذا تكتمل دائرة المشروع الشعري: من نَفَس النور إلى الكلمة المعاشة، من الإنجيل ككتاب إلى الحياة نفسها كـ”نشيد حب إنساني جديد”.

هكذا، تكتب رانية مرجية إنجيلها “بِالْحُبِّ لَا بِالْحِبْرِ” مؤسسةً لاهوتاً أرضياً يجعل من الإنسان شريكاً فاعلاً في كتابة المعنى واستمرار المعجزة.

تحياتي واحترامي

“أنشودة الإنجيل الأخير” بقلم رانية مرجية

ليس الإنجيلُ كتابًا من ورقٍ وحبر،

بل نَفَسٌ من نورٍ

يهبطُ على قلبٍ أنهكهُ الجفاف.

كلُّ من سامحَ، كتبَ إنجيلًا.

كلُّ من أحبَّ غريبًا،

أعلنَ بشارةً جديدة.

كلُّ من واجهَ القسوةَ بالحنان،

كانَ مسيحًا صغيرًا يمشي بيننا بلا صليبٍ ولا هالة.

إنجيل البداية… ميلاد الله في الإنسان

يولد اللهُ فينا كلَّ مرةٍ نختارُ فيها اللطفَ بدلَ الغضب،

وفي كلِّ أمٍّ تغزلُ الأملَ بخيوطِ الخسارة،

وفي عاملٍ يشقُّ نهارهُ ليزرعَ الخبزَ في وجهِ الريح.

يولدُ اللهُ في ضحكةِ طفلٍ مقدسيٍّ

يرسمُ الشمسَ على جدارٍ رماديٍّ

ويكتبُ: “لن تُغلقَ السماءُ في وجهي.”

إنجيل الأمّهات… القيامة من الدمع

المرأةُ هي الإنجيلُ الذي لم يُكتب بعد،

هي التي تُلقّنُ اللهَ الصبرَ،

وتعلّمُ الملائكةَ كيفَ تنتظر.

في كلّ أمٍّ فلسطينيةٍ تُغنّي لابنها المأسور،

تتجدّدُ القيامة.

في صوتِها المنكسرِ تنبتُ شجرةُ زيتونٍ

تحرسُ الحلمَ من الموت.

إنجيل الشارع… بشارة البسطاء

في الأزقةِ، حيثُ يُباعُ الأملُ بنصفِ الثمن،

هناكَ يولدُ الإنجيلُ الجديد:

حينَ يُعطي الفقيرُ نصفَ رغيفهِ لجائعٍ آخر،

وحينَ تُغنّي البنتُ للحياةِ

من خلفِ نافذةٍ مكسورةٍ في القدس القديمة.

لا يحتاجُ اللهُ إلى معابد،

هو يسكنُ بينَ العابرين،

في عيونِ الذينَ يقولونَ “أنا معك”

دون أن ينتظروا شكرًا.

إنجيل الغفران… شجاعة الحبّ

قالوا: كيفَ تُحبُّ من خانكَ؟

قلتُ: لأنّ الحبَّ لا يُقاسُ بالاستحقاق،

بل بالاحتياج.

الغفرانُ ليس ضعفًا،

بل قمّةُ القوة.

أن تمدَّ يدكَ لمن أساء،

أن تضيءَ شمعةً بدلَ أن تلعنَ ظلامه،

أن تقولَ: “سلامٌ عليك”…

حتى وإن لم يسمعكَ أحد.

إنجيل اليوم… الله في العالم الرقمي

اللهُ لا يختبئُ في الأبراجِ العالية،

بل في ضوءِ شاشةٍ صغيرةٍ

تجمعُ أمًّا بابنها الغائب،

وفي رسالةِ حبٍّ لا تُرسلُ لتُؤذي،

بل لتُذكّرَ أنَّ القلبَ ما زالَ حيًّا.

كلُّ ضغطةِ زرٍّ قد تكونُ صلاة،

وكلُّ “حذفٍ” لتفاهةٍ هو طهارة.

حتى التكنولوجيا،

حينَ نستخدمها بالرحمة،

تصبحُ إنجيلًا جديدًا بلغةِ العصر.

إنجيل النهاية… القيامة من الداخل

سنقومُ، لا من القبور،

بل من أعماقِنا.

سننهضُ حينَ نكفُّ عن انتظارِ السماءِ،

ونبدأُ بصناعةِ الفردوسِ على الأرض.

القدسُ ستقومُ أيضًا،

من بينِ الركامِ،

حينَ يغفرُ الحجرُ للرصاص،

ويزرعُ الدمُ زهرةَ لوزٍ جديدة.

الختام

أيّها الناس،

الإنجيلُ ليس في الرفوفِ ولا في الطقوس،

بل في القلوبِ التي ما زالت تُحبّ رغمَ الخيبات.

كلُّ من يغفرُ… هو بشير.

كلُّ من يُنقذُ غيره… هو نبيّ.

كلُّ من يزرعُ سلامًا وسطَ الحروب…

هو كلمةُ الله تمشي على الأرض.

فكونوا أنتم الكلمةَ،

التي لا تُقرأ،

بل تُعاش.

هكذا كتبتُ إنجيلي:

بالحبِّ لا بالحبر.

رانية مرجية

2025 نشيد الحب الإنساني الجديد

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الأربعاء 15 أكتوبر كالتالي : سعر أونصة الذهب عالمياً …