
آزَرد فَطيرةُ الإيمان – نَبيدُ الصَّفاء ، بقلم : وَلِيد العَرِيض
و بدايتي…
في فلسفة الخمريات الصوفية، ليست الخمرةُ سُكرًا يُغيبُ الحواس، بل نورًا يُطهّرُها.
إنها الشرارةُ التي تشتعلُ في القلب لتوقظَ الوعي
وهي ماءُ المعرفة حين يختلطُ بنارِ الشوق
فيلدُ بينهما العشقُ الإلهي في أنقى تجلّياته.
من هذا المفهوم وُلدت آزَرد فطيرة إيمان
أنثى تُجسّدُ تلاقي الطهر والعقل النقاء والرغبة
السماءَ التي تهبطُ لتغسلَ الأرضَ بالعشق
والأرضَ التي ترتفعُ لتُصلّي في حضرةِ الجمال.
هي ليست امرأةً فحسب
بل رمزٌ للخمرةِ التي لا تُسكِرُ الجسد، بل تُسكِرُ الروح
رمزُ الصفاءِ الذي يرفعُ الإنسانَ من حدودِ الحواس إلى فضاءِ المعنى.
فـفطيرة هنا
هي قدّيسةُ الجمال
وآزرد جرحُ العشقِ حين يتطهّرُ
وإيمان النورُ الذي يظلّلُ الجسدَ فلا يُطفئُه… بل يُقدِّسُه.
إنها خمرةُ الصباحِ الأول في ديوان الخلود
حين يتجلّى اللهُ في أنثى تُحبّ بعقلها
وتؤمنُ بجمالها كما تؤمنُ بصلاتها.
هي البدايةُ التي تكتبُ نفسها كلَّ فجرٍ دون إذنٍ من الحبر
حين يفتحُ اللهُ كتابَه على صفحةِ امرأةٍ تُدعى فطيرة.
منها يبدأ النورُ رحلتَه نحو الخلق
وفيها يُعيدُ الجمالُ ترتيبَ معانيه.
هي آزَرد حين تتألمُ لتُطهِّر
وهي فطيرة حين تبتسمُ لتغفر
وهي إيمان حين تصمتُ لتُصلّي.
في ملامحها يولدُ التناقضُ نغمةَ وحدةٍ
يجتمعُ فيها العقلُ والعاطفةُ
النارُ والماءُ
الأنوثةُ والقداسةُ في عناقٍ لا ينكسر.
تُفيضُ رقتها كخمرٍ روحيٍّ تسكرُ بها القلوب
ويميلُ الصخرُ نحوها كأنهُ يتوبُ على يدَي أنوثتها.
هي الفكرةُ الطاهرةُ التي تَحوَّلت إلى جسد
هي المعنى حين يمشي على الأرضِ في هيئة صلاةٍ أنثويةٍ تُرضي اللهَ والإنسان.
وَقَصِيدِي
قرأتُ فطيرةَ العشقِ لا كما تُقرأُ القصائد
بل كما تُتلى السورُ الخفيةُ في معابدِ القلوب.
هي امرأةٌ خُلقتْ من خمرةٍ سماوية
تُسكِرُ الفكرَ قبل الجسد
وتجعلُ من النورِ جسدًا يتهيّبُ ظلَّه.
في عينيها نبيذُ المعرفة
وفي شَفَتَيْها تسكنُ صلواتُ الشغف
وفي أنفاسِها يتهجّى اللهُ أسماءَه على إيقاع الحنين.
حين تتكلّمُ يخرسُ الهواءُ من أدبٍ،
وحين تمرُّ تتوضّأُ الأرضُ بأثرِ خُطاها.
هي التي تُغنّي فتنتفضُ الأرواحُ كالعصافير
وتصمتُ
فيبكي الوردُ لأنّ المعنى رحل مع أنفاسها.
يا فطيرةُ
يا خمرةَ الوجدانِ المصفاةَ من شوائبِ الأرض
وسُكْرَ الروحِ الذي يُعيدُ ترتيبَ الحواس.
فيكِ يتطهرُ العاشقُ من بشريّتِه
ويغدو ملاكًا تائهًا في خمرةِ النور.
كلُّ ما فيكِ صلاةٌ لا تعرفُ الفَناء
وجسدُكِ معبدٌ من نارٍ طاهرة
وروحُكِ نهرٌ من ضياء.
وَخَاتِمَتِي
فيكِ ينتهي الكلامُ كما يبدأُ
ويصمتُ الكونُ احترامًا لمقامِ الطهرِ فيكِ.
يا آزرد فطيرة إيمان
يا خمرةَ الصفاءِ التي تُسكِرُ ولا تُضلّ
يا أنثى تجلسُ على عرشِ الجمالِ بوقارِ المخلِصةِ وعِزِّ الساجدة.
علّمتِني أنَّ الحبَّ إذا صَعِدَ إلى اللهِ صارَ عبادة
وأنَّ الجمالَ إذا اقترنَ بالإيمانِ أصبحَ طريقًا للخلود.
تبقينَ نبيذَ الصبحِ
وحرفَ الضياءِ في كتابِ الوجود
وسرَّ اللهِ حين أرادَ أن يبتسمَ في امرأة.
سلامٌ عليكِ
يا خمرةَ الأرواح
ويا صَفاءَ الأنثى في هيبةِ الصلاة
سلامٌ عليكِ عددَ ما تتنفسُ الأرضُ عشقًا
وعددَ ما يتهجّى العاشقونَ اسمَكِ… خاشعين.