5:04 مساءً / 9 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

الزيتون الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستيطاني ، بقلم : بديعة النعيمي

الزيتون الفلسطيني في مواجهة المشروع الاستيطاني ، بقلم : بديعة النعيمي

ما يلفت الانتباه في الفترة الأخيرة ، زخم الأخبار التي تتحدث عن اقتلاع أو حرق أو تخريب أشجار الزيتون على يد المستوطنين في مدن وقرى الضفة الغربية، ضمن مشروع هو جزء من سياسة ممَنهجة تستهدف جوهر العلاقة بين الفلسطيني وأرضه. الزيتون في فلسطين أكثر من شجر، فجذوره الضاربة في التاريخ والمتجذرة في رحم الأرض تمثل واحدة من الشواهد الكثيرة على الوجود والصمود والهوية.

ومن هنا فإن الاعتداء على هذا الشاهد ما هو إلا فعل سياسي قذر. فالمستوطن المدعوم من سلطات الاحتلال، يدرك أن هذه الشجرة تمثل مصدر رزق لعشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية، وأنه باقتلاعها، يدمر مورد اقتصادي، كما يحاول أيضا تدمير رابط روحي وعاطفي وثقافي عميق بين الفلسطيني وأرضه. لكن هيهات، فالجذر عنيد..

والأخطر من هذا، أن خلف اقتلاع الزيتون يكمن هناك مشروع استيطاني طويل، يسعى إلى تفريغ الأرض من أصحابها الشرعيين، لتسهيل سلبها منهم تحت ذرائع “أمنية” أو “قانونية”. فالأراضي التي يتم تفريغها من أشجارها تصبح في العرف الصهيوني أرضا “غير مستغلة”، ما يفتح المجال أمام ضمها لصالح المستوطنات أو الطرق الالتفافية.

ولكن لأن هذه الشجرة التي تقتلع اليوم، والتي يسعى المحتل لطمسها، هي ذاتها التي أقسم الله بها في كتابه الكريم (والتين والزيتونِ)، وهي التي وصفها سبحانه وتعالى بأنها شجرة مباركة في سورة النور (يوقد من شجرة مباركة زيْتونة لا شرقية ولا غربية). فقد باتت رمزا قرآنيا له دلالة روحانية، وجزء من عقيدة المسلم المرتبطة بالأرض والرزق والبركة، لذلك فالاعتداء عليها يمثل اعتداء على المقدس في الوجدان الفلسطيني، ومن هنا تولد المقاومة، مقاومة المعتدي الذي مس هذا المقدس.

وتجدر الإشارة إلى أن المنظمات الحقوقية رصدت مئات الانتهاكات خلال الفترة الماضية. ففي أكتوبر ٢٠٢٥ فقط، سجلت عشرات الحوادث في نابلس وسلفيت والخليل، شملت اقتلاع مئات الأشجار باستخدام المناشير الكهربائية، وسكب مواد كيميائية على جذورها، بل ووصل الحقد والوحشية إلى درجة تسميم التربة. ومثالا على ذلك، اقتلاع أكثر من مائة شجرة في بيت دجن، وفي المغير شمال رام الله، قطعت العشرات منها بشكل منهجي لا عشوائي.

والسكوت إزاء هذه الجرائم من اقتلاع وحرق وتسميم وسرقة للمحصول، شجع المجرم على التمادي في جرائمه، لأنه يعلم أن لا قانون سيعاقبه. أما الفلسطيني الذي يزرع أو يدافع عن أرضه فلطالما كانت الملاحقة القضائية والعقاب من نصيبه.

ولكننا نقول للمعتدي أنه إذا ظن أنه باقتلاعه شجرة زيتون سيقتلع الذاكرة، فهو واهم. فمكان كل واحدة تجتث، تنبت أخرى، تزرع في الوعي، وتتحول إلى صمود ومقاومة، وأن معول الظلم قد يقطع الجذع، لكنه أبدا لن يصل إلى الجذر. لذلك فإنها لن تكون نهاية الشجر، بل بداية الحكاية.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم الخميس

أسعار الذهب اليوم الخميس

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الخميس 9 أكتوبر كالتالي :عيار 22 84.800عيار 21 80.900