
ورقة سياسات ، مواجهة “دولة المستوطنين” في الضفة الغربية: مقاربة استراتيجية متعددة المستويات ، بقلم : د. عمر السلخي
الملخّص
تستند الورقة إلى تحليل تطور البنية الاستيطانية في الضفة الغربية بوصفها كيانًا موازيًا يعمل كدولة قائمة داخل الأراضي الفلسطينية، تمتلك القيادة، والقوة المسلحة، والأجهزة الإدارية والاقتصادية الخاصة بها.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم حزمة سياسات عملية لمواجهة هذا المشروع ومنع تحوّله إلى واقع سياسي دائم يقوّض إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة.
تعريف الظاهرة – “دولة المستوطنين”
تشير “دولة المستوطنين” إلى:
- سلطة فعلية يمارسها قادة المستوطنات على الأرض دون مساءلة أو قيود.
- نظام إداري–أمني موازٍ يعمل بالتنسيق مع الوزارات الإسرائيلية الداعمة (المالية، الأمن القومي، الاستيطان).
- قوة ميليشياوية تشمل “فتية التلال”، “حراس الجبل”، وفرق الحماية الذاتية.
- اقتصاد مستقل يتوسع في القطاعات الزراعية والصناعية والبنية التحتية.
- مشروع ديمغرافي يستهدف الوصول إلى 1.5 مليون مستوطن خلال 25 سنة.
هذا النظام يسعى إلى إحلالٍ سكاني وطردٍ تدريجي للفلسطينيين عبر العنف اليومي، وإغلاق المساحات، وتثبيت الوقائع على الأرض.
التحديات البنيوية أمام الفلسطينيين
- ضعف الحوكمة في المناطق المهمشة وخاصة (ج)
غياب الاستثمار، نقص الخدمات، وشحّ الأجهزة الأمنية والمدنية الفلسطينية. - العنف الاستيطاني الممنهج
هجمات يومية، حرق وتخريب، إغلاق طرق، تهجير قسري، واعتداءات على المزارعين. - الضمّ الزاحف
تحويل المناطق الفلسطينية إلى كانتونات منعزلة خلف حواجز وجدران وبوابات. - دولنة المشروع الاستيطاني
تحويله إلى مشروع دولة دينية–قومية بميزانيات وقوانين وقرارات حكومية. - ضعف التنسيق بين الفاعلين الفلسطينيين
تشتت الجهود بين المؤسسات الرسمية، منظمات المجتمع المدني، والهيئات الدولية. الأهداف الاستراتيجية للسياسات المقترحة - حماية الوجود الفلسطيني في المناطق المستهدفة.
- تحصين المجتمعات المحلية سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
- إفشال مشروع الكانتونات عبر تعزيز الترابط الجغرافي والاجتماعي.
- إعادة تعريف الصراع دوليًا كمشروع إحلال واستعمار استيطاني لا نزاعًا حدوديًا.
- بناء أدوات مساءلة لحكومة الاحتلال والمستوطنين في القانون الدولي.
حزمة السياسات المقترحة
أولًا: سياسات الحماية والصمود (على الأرض)
- إنشاء “مناطق صمود” محمية
تحديد المناطق المهدده بالخطر (خاصة المناطق (ج)).
بناء خدمات أساسية: مياه، كهرباء، عيادات، طرق داخلية،دعم إسكان الشباب داخلها.
- وحدات حماية مدنية غير مسلحة
تدريب لجان محلية على الإسعاف، الإخلاء، التوثيق، الإنذار المبكر،تطوير شبكة اتصال داخلية بين القرى. - حماية الأراضي الزراعية
برامج حراثة موسمية مدعومة،خيام حماية دائمة في الأراضي المهددة،شراء معدات تصوير وتوثيق حديثة.
ثانيًا: سياسات اقتصادية وتنموية
- خطة تنمية خاصة بالمناطق (ج)
تقديم إعفاءات ضريبية،دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة،تطوير الزراعة الذكية والمراعي الطبيعية. - صناديق إقراض للمزارعين والمهددين
منح قروض بلا فوائد،تمويل إعادة بناء البيوت المهدمة.
- مراكز إنتاج مجتمعي
ورش حرفية،مصانع صغيرة غذائية،
سلاسل توريد محلية بدل الاعتماد على السوق الإسرائيلي
ثالثًا: سياسات قانونية ودبلوماسية
- تدويل ملف الاستيطان
إعداد ملفات قانونية جاهزة للمحاكم الدولية،توثيق الانتهاكات بالأسماء والأدلة.
- ملاحقة قادة الميليشيات الاستيطانية
رفع قضايا فردية ضد المستوطنين المعروفين بأعمال العنف،استخدام مبدأ الولاية القضائية العالمية.
- تحويل “العنف الاستيطاني” إلى مصطلح أممي
العمل مع الأمم المتحدة لتبنّي مصطلح Settler Terrorism رسميًا.
رابعًا: سياسات إعلامية وسردية
- إنتاج رواية فلسطينية جديدة
قصص قصيرة،أفلام وثائقية،خرائط تفاعلية
تقارير أسبوعية عن الهجمات. - خطاب فلسطيني جديد يركز على:
الاستعمار الاستيطاني بدل النزاع السياسي،
المقاومة المدنية بدل رد الفعل،الحقوق الجماعية بدل الفردية
- شبكة إعلام دولي داعم
شراكات مع صحافيين أجانب،تدريب مراسلين محليين،نشر تقارير متعددة اللغات
خامسًا: سياسات اجتماعية–تعليمية
- إدراج موضوع “الاستعمار الاستيطاني” في المناهج
بما يشمل:
الاقتصاد،الجغرافيا،القانون الدولي،تاريخ المكان
- برامج توعية للمجتمعات المستهدفة
كيفية التعامل مع هجمات المستوطنين،حقوق المواطن تحت الاحتلال،مهارات التوثيق والشهادة
- دعم الصحة النفسية في المناطق المهددة
فرق دعم نفسي واجتماعي خاصة بالنساء والأطفال.
سادسًا: نموذج التنفيذ (2025–2030)
المرحلة الأولى: 2025–2026 – التأسيس
تشكيل “وحدة مواجهة دولة المستوطنين”.
تحديد المناطق الساخنة.
إطلاق برامج الصمود والحماية المدنية.
المرحلة الثانية: 2026–2028 – التمكين
إطلاق خطط تنمية اقتصادية،تشغيل صناديق الإقراض،بناء رواية إعلامية متماسكة.
المرحلة الثالثة: 2028–2030 – المناعة الاستراتيجية
تفعيل المساءلة الدولية،بناء اقتصاد محلي مستقل،توسيع شبكة الصمود.
سابعًا: مؤشرات قياس الأداء
- صمود السكان
ثبات السكان في المناطق المهددة.
عدد العائلات العائدة إلى القرى بدلاً من النزوح.
- الاقتصاد
زيادة عدد المشاريع.
انخفاض الاعتماد على السوق الإسرائيلي.
- الحماية
عدد الهجمات التي تم توثيقها.
مدة الاستجابة للإنذار المبكر.
- التأثير الدولي
عدد التقارير الدولية الصادرة.
قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالاستيطان.
ثامنًا: الخلاصة الاستراتيجية
مواجهة “دولة المستوطنين” ليست مسألة ردّ فعل، بل معركة وجودية تتطلب:
خطة وطنية،إرادة سياسية،حوكمة حديثة،اقتصادًا صامدًا،رواية قوية،عملًا جماعيًا.
إن نجاح المشروع الفلسطيني في هذه المواجهة يعتمد على تحويل الصمود الشعبي إلى بنية استراتيجية، وعلى الانتقال من حالة الدفاع إلى مبادرة سياسية–تنموية شاملة تعيد تعريف الأرض والإنسان والحقوق في مواجهة نظام استعماري استيطاني متسارع الخطى
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .