12:39 صباحًا / 14 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

قمة تيانجين : منظمة شانغهاي للتعاون تنطلق نحو مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة ، بقلم : تيان جيانينغ

قمة تيانجين: منظمة شانغهاي للتعاون تنطلق نحو مرحلة جديدة من التنمية عالية الجودة ، بقلم : تيان جيانينغ

انعقدت قمة منظمة شانغهاي للتعاون في مدينة تيانجين الصينية خلال يومي 31 أغسطس والأول من سبتمبر 2025. وتُعد هذه القمة الأكبر في تاريخ المنظمة منذ تأسيسها، وهي ليست مجرد حدث دبلوماسي رئيسي تستضيفه الصين هذا العام، بل لحظة محورية لتحديد “إحداثيات جديدة” للمنظمة في ظل تصاعد النزعات الأحادية والحمائية، وتزايد حالة عدم اليقين على الساحة الدولية. وأكد الرئيس الصيني شي جين بينغ ضرورة مواصلة ترسيخ “روح شانغهاي”، وضخ مزيد من الاستقرار والطاقة الإيجابية في العالم عبر التضامن والتعاون، ودفع بناء مجتمع المصير المشترك لمنظمة شانغهاي إلى مستويات أعمق وأكثر رسوخا.

التعاون الأمني: درع صلب للحماية المشتركة

الأمن هو أساس التنمية. وقد شدد الرئيس شي على أن الأمن الحقيقي هو أن يكون الجميع في مأمن. لذلك، تركز الدول الأعضاء في المنظمة على تعزيز التعاون في المجالات الاستراتيجية والدفاع وإنفاذ القانون وأمن المعلومات والأمن البيئي والبيولوجي، مما يشكّل شبكة حماية متماسكة تجعل من المنظمة ركيزة استراتيجية لمواجهة مختلف التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية.

وفي قمة أستانا عام 2024، اتفقت الدول الأعضاء على إنشاء أربعة مراكز أمنية: مركز شامل لمواجهة التهديدات والتحديات الأمنية، مركز لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود، مركز لأمن المعلومات، ومركز لمكافحة المخدرات. واليوم، تسعى قمة تيانجين إلى دفع بناء هذه “المراكز الأمنية الأربعة” لتوفير دعم أقوى لأمن المنطقة.

التعاون الاقتصادي: محور راسخ للتنمية الإقليمية

ظل التعاون الاقتصادي دائما المحرك الأبرز لمسيرة منظمة شانغهاي. من تشغيل قطارات الشحن بين الصين وأوروبا بشكل منتظم، إلى تسارع بناء الممر الدولي عبر بحر قزوين، ومن التشغيل المستقر لأنابيب النفط بين الصين وكازاخستان والصين وروسيا، إلى توسع الممر الاقتصادي الصيني–الباكستاني، تتشكل شبكة مترابطة تغطي الطرق البرية والسكك الحديدية وقطاع الطاقة. وتشير البيانات إلى أن حجم التجارة بين الصين ودول المنظمة بما فيها الدول المراقبة والشركاء في الحوار بلغ 890 مليار دولار في عام 2024، أي ما نسبته 14.4% من إجمالي التجارة الخارجية للصين، وهو رقم يعكس القوة الحركية الاقتصادية وآفاقها الرحبة.

وفي الوقت ذاته، دفعت الصين إلى إنشاء قواعد زراعية تجريبية، ومناطق نموذجية للتجارة المحلية، وقواعد للابتكار البيئي، ومراكز للتعاون في مجال البيانات الضخمة ضمن إطار المنظمة. ومن خلال تبادل الخبرات ونقل التكنولوجيا، تساعد الصين الدول الأعضاء على تحسين سلاسل الإنتاج والإمداد وتعزيز استقلالية التنمية واستدامتها. وأكد الرئيس شي أن المنظمة ينبغي أن تركز على بناء منصات تعاون في مجالات الطاقة النظيفة، والصناعات الخضراء، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي وغيرها، بما يعزز إنتاجية نوعية جديدة. إن “الشعور بالكسب” الناتج عن هذه المشاريع العملية هو ما يمنح المنظمة قوة الاستمرار والتجدد.

التنمية المستدامة: رؤية مشتركة للتحول الأخضر والرقمي

اعتماد عام 2025 عاما للتنمية المستدامة في منظمة شانغهاي، وهو ما يعكس التوافق الواسع بين الدول الأعضاء بشأن مواجهة تغير المناخ ودفع التنمية الخضراء. ففي كازاخستان، يوفر مشروع صيني لطاقة الرياح كهرباء نظيفة للمجتمع المحلي، بينما تحظى سيارات الأجرة الكهربائية الصينية بشعبية في طاجيكستان. وهذه أمثلة حيّة على تراكم ثمار التعاون في مجال الطاقة المتجددة.

وفي الوقت نفسه، أصبح الاقتصاد الرقمي والابتكار التكنولوجي محركين أساسيين للتنمية. فقد حققت الدول الأعضاء تقدما ملموسا في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والجيل الخامس، والبيانات الضخمة. وفي منتدى الاقتصاد الرقمي، تم التوقيع على مشاريع من بينها “الحديقة الصناعية الرقمية والذكية الصينية المصرية. مما أضفى ديناميكية جديدة على التحول الرقمي في المنطقة. وانطلاقا من زخم “عام التنمية المستدامة”، ستدفع قمة تيانجين إلى إطلاق مشاريع جديدة تخدم معيشة الشعوب وتمنحهم إحساسا أوضح بثمار التعاون.

استشراف المستقبل: خارطة طريق جديدة وإسهام في الحوكمة العالمية

لم تقتصر قمة تيانجين على استعراض الإنجازات الماضية، بل رسمت أيضا ملامح التنمية للعقد القادم. حيث ستصدر “إعلان تيانجين”، وتُعتمد “استراتيجية التنمية للعشر سنوات المقبلة”، إلى جانب وثائق تعزز التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد والثقافة. كما ستصدر القمة بيانا مشتركا بمناسبة الذكرى الثمانين لانتصار الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة، لتأكيد العِبَر التاريخية وتوجيه رسالة نحو مستقبل أفضل.

واقترح الرئيس شي دفع المبادرات الثلاث الكبرى — مبادرة التنمية العالمية، مبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية — ضمن إطار المنظمة، والدعوة إلى تعددية قطبية عالمية متوازنة ومنظمة، وعولمة اقتصادية أكثر شمولا وإنصافا، بما يسهم في تطور النظام الدولي نحو مزيد من العدالة والإنصاف، ويقدم “قوة شانغهاي” للحوكمة العالمية.

الموج هادئ، والريح مواتية، والسفينة ماضية بثبات” — هكذا يمكن تلخيص المشهد في قمة تيانجين. فهي ليست فقط محطة بارزة في مسيرة المنظمة، بل نقطة انطلاق جديدة نحو مرحلة من التنمية عالية الجودة. وبفضل الجهود المشتركة لقادة الدول الأعضاء، ستدخل منظمة شانغهاي مرحلة أكثر تماسكا وحيوية، ماضية بخطى واثقة نحو بناء مجتمع المصير المشترك، ومقدمة إسهامات أكبر لمسيرة بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية جمعاء.

(ملاحظة) اقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

شاهد أيضاً

المنتخب الوطني " الفدائي " يفوز على منتخب الجزائر للمحليين بهدف دون رد

المنتخب الوطني ” الفدائي ” يفوز على منتخب الجزائر للمحليين بهدف دون رد

شفا – حقق منتخبنا الوطني لكرة القدم، الإثنين، فوزًا ثمينًا على شقيقه منتخب الجزائر للمحليين …