
شفا – انطلقت مساء اليوم الإثنين، قمة السلام في مدينة شرم الشيخ المصرية، برئاسة مشتركة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأميركي دونالد ترمب، بمشاركة رئيس دولة فلسطين محمود عباس.
وتبحث القمة، التي يشارك فيها رؤساء وقادة 30 دولة، سبل إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتعزيز جهود إحلال السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، إلى جانب مناقشة ترتيبات ما بعد الحرب في القطاع.
ويشارك في أعمال القمة أيضا، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.
وتأتي القمة ضمن الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي ترمب لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وتحقيق السلام في الشرق الأوسط في التاسع والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، قد وصلا إلى مقر انعقاد قمة شرم الشيخ للسلام، التي تضم قادة دوليين من بينهم ملك الأردن، ورئيسي فرنسا وتركيا، وأمير قطر والمستشار الألماني، بالإضافة إلى عدد من القادة الآخرين.
وفي تصريحات على هامش القمة، رحب الرئيس السيسي بالرئيس الأميركي وبضيوف القمة المشاركين، مؤكداً أن الرئيس ترمب هو الوحيد القادر على تحقيق السلام في المنطقة، مشدداً على ضرورة ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وتسليم جثامين المختطفين الإسرائيليين لأسرهم.
من جانبه، أكد الرئيس ترمب أن مصر لعبت دوراً بالغ الأهمية في إنهاء الحرب في غزة، مشيداً بالقوة القيادية للرئيس السيسي ووصفه بأنه “زعيم قوي”.
وأضاف ترمب أن الولايات المتحدة ستظل مع الرئيس المصري حتى النهاية، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت بالفعل، مع جهود لإزالة الركام وتحسين الوضع الإنساني للمدنيين.
وأشار الرئيس الأميركي إلى أهمية الدور المصري العظيم في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، مؤكداً على تعزيز الجهود المشتركة لتخفيف معاناة السكان في غزة وإعادة إعمار القطاع المتضرر.
الرئيس المصري: ندعم تنفيذ هذه الخطة بما يخلق الأفق السياسي اللازم لتنفيذ حل الدولتين
وفي مؤتمر صحفي عقب القمة، رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالملوك والرؤساء والقادة المشاركين في “قمة شرم الشيخ للسلام”، في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، التي شهدنا فيها معا، التوصل لاتفاق شرم الشيخ “لإنهاء الحرب في غزة”، وميلاد بارقة الأمل، في أن يغلق هذا الاتفاق، صفحة أليمة في تاريخ البشرية، ويفتح الباب لعهد جديد من السلام والاستقرار في الشرق الأوسط…. ويمنح شعوب المنطقة، التي أنهكتها الصراعات، غداً أفضل.
وأضاف: “واليوم نستقبل القيادة الشجاعة المحبة للسلام، والذي ساهمت جهوده في إنهاء الصراع، وتحقيق الأمن والتنمية في منطقتنا، بل وفي العالم أجمع”.
ودعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الانضمام إلى قادة العالم الداعين إلى السلام، معربا عن تقديره له ولقيادته الحكيمة لتلك المسيرة، “في ظل ظرف بالغ الدقة، بما انعكس في طرح خطتكم، لإنهاء هذه الحرب المأساوية والتي خسرت معها الإنسانية الكثير”.
كما شكر شركاء مصر في الولايات المتحدة وتركيا وقطر على جهودهم المخلصة، مجددا التأكيد على “دعمنا وتطلعنا لتنفيذ هذه الخطة، بما يخلق الأفق السياسي اللازم، لتنفيذ حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد، نحو تحقيق الطموح المشروع للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي في طي صفحة الصراع والعيش بأمان”.
وخاطب الرئيس المصري نظيره الأميركي قائلا: “لقد أثبتم؛ فخامة الرئيس أن القيادة الحقيقية ليست في شن الحروب، وإنما في القدرة على إنهائها… ونحن على ثقة في قيادتكم لتنفيذ الاتفاق الحالي وتنفيذ خطتكم بكافة مراحلها…. فلتكن حرب غزة آخر الحروب في الشرق الأوسط”.
وأشار إلى أن “مصر دشنت مسار السلام في الشرق الأوسط قبل ما يقارب نصف قرن، وتحديدا في نوفمبر عام 1977…ومنذ تلك اللحظة، أطلقت مصر عهداً جديداً أهدى الأجيال اللاحقة فرصة للحياة، وأثبت أن أمن الشعوب لا يتحقق بالقوة العسكرية فقط… واليوم تعيد مصر التأكيد، ومعها شقيقاتها العربية والإسلامية، على أن السلام يظل خيارنا الاستراتيجي… وأن التجربة أثبتت على مدار العقود الماضية أن هذا الخيار لا يمكن أن يتأسس إلا على العدالة والمساواة في الحقوق…”.
وأضاف: “من هذا المنطلق، وإذا كانت شعوب المنطقة، ومازالت، تنعم جميعها بحقها في دولها الوطنية المستقلة، فإن الشعب الفلسطيني ليس استثناءً… فهو أيضاً له حق في أن يقرر مصيره، وأن يتطلع إلى مستقبلٍ لا يخيم عليه شبح الحرب، وحق في أن ينعم بالحرية والعيش في دولته المستقلة… دولة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلام وأمن واعترافٍ متبادل…إن السلام لا تصنعه الحكومات وحدها، بل تبنيه الشعوب حين تتيقن أن خصوم الأمس يمكن أن يصبحوا شركاء الغد…”.
وتوجه بنداء إلى الشعب الإسرائيلي قال فيه: “فلنجعل هذه اللحظة التاريخية بداية جديدة لحياة تسودها العدالة والتعايش السلمي… دعونا نتطلع سوياً لمستقبل أفضل لأبناء بلادنا معاً … مدوا أيديكم لنتعاون في تحقيق السلام العادل والدائم لجميع شعوب المنطقة…”.
وأضاف مخاطبا الرئيس الأميركي: “علينا أن نتوقف عند مشاهد الارتياح والسعادة، التي عمت سواءً في شوارع غزة أو الشارع الإسرائيلي أو في العالم كله على حد سواء، عقب التوصل لاتفاق إنهاء الحرب بفضل مبادرتكم الحكيمة… فهي دليل آخر على أن الخيار المشترك للشعوب هو السلام…”.
وتابع: “كما نقدر لكم اهتمامكم باستعادة الحياة في غزة، وستعمل مصر مع الولايات المتحدة وبالتنسيق مع كافة الشركاء، خلال الأيام القادمة على وضع الأسس المشتركة للمضي قدماً في إعادة إعمار القطاع دون إبطاء، ونعتزم في هذا السياق استضافة مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية، والذي سيبني على خطتكم لإنهاء الحرب في غزة، وذلك في سبيل توفير سبل الحياة للفلسطينيين على أرضهم ومنحهم الأمل …. فالسلام لا يكتمل إلا حين تمتد اليد للبناء بعد الدمار”.
وقال الرئيس المصري: “إننا نستشرف مستقبلاً مشرقاً لمنطقتنا تُبنى مدنه بالأمل بدلاً من أن تُدفن ذكريات أصحابها تحت الأنقاض… فأمامنا فرصة تاريخية فريدة، ربما تكون الأخيرة، للوصول إلى شرق أوسط خالٍ من كل ما يهدد استقراره وتقدمه …. شرق أوسط تنعم فيه جميع شعوبه بالسلام والعيش الكريم ضمن حدود آمنة، وحقوق مصانة…. شرق أوسط منيع ضد الإرهاب والتطرف … شرق أوسط خالٍ من جميع أسلحة الدمار الشامل …. هذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي تتطلع مصر إلى تجسيده بالتعاون مع شركائها إقليمياً ودولياً”.
وأضاف: “إن اتفاق اليوم يمهد الطريق لذلك، ويتعين تثبيته وتنفيذ كافة مراحله، والوصول إلى تنفيذ حل الدولتين على نحو يضمن رؤيتنا المشتركة في تجسيد التعاون المشترك بين جميع شعوب المنطقة، بل والتكامل بين جميع دولها…”.
وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي قرار مصر إهداء الرئيس الأميركي دونالد ترمب “قلادة النيل” تقديرا لجهوده، مشيرا إلى أنها الأرفع والأعظم شأناً وقدراً بين الأوسمة المصرية، وتمنح لرؤساء الدول ولمن يقدمون خدمات جليلة للإنسانية.
ترمب: الحرب في غزة انتهت.. والآن يبدأ الإعمار
بدوره، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن الحرب في غزة انتهت، مشيرا إلى أن المساعدات الإنسانية بدأت تتدفق إلى القطاع، وأن المدنيين عادوا إلى منازلهم، والمحتجزين بدأوا في الاجتماع مع عائلاتهم بعد سنوات من المعاناة.
وقال ترمب: “بعد سنوات من المعاناة وإراقة الدماء، انتهت الحرب في غزة.. المساعدات الإنسانية تتدفق الآن، بما في ذلك مئات الشاحنات المحمّلة بالغذاء والمعدات الطبية والإمدادات الأخرى، وقد تم تمويل جزء كبير منها من قِبل الحاضرين في هذه القاعة”.
وأضاف الرئيس الأميركي: “الآن يبدأ الإعمار، وربما سيكون ذلك الجزء الأسهل، لأننا أنجزنا الأصعب، والباقي سيتكامل.. نحن نعرف كيف نُعيد البناء، ونعرف كيف نبني أفضل من أي أحد في العالم”.
وقال ترمب، إن “الاختراق التاريخي” الذي يتم الاحتفال به في قمة شرم الشيخ للسلام لا يُجسد نهاية الحرب في غزة فقط، بل يُمثل بداية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط بأسرها، مؤكدا أن “الهدف هو بناء شرق أوسط قوي، ومستقر، ومزدهر، وموحّد في رفض طريق الإرهاب إلى الأبد”.
وأضاف: “من الآن فصاعداً، يمكننا بناء منطقة قوية ومستقرة ومزدهرة وموحدة في رفض مسار الإرهاب إلى الأبد، إذ نريد التخلص من الإرهاب والمضي قدماً”.
وأشار إلى أن “التحرك الأخير نحو إبرام الاتفاق بشأن غزة بدأ قبل أقل من ثلاثة أسابيع، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك”، موضحاً: “التقيت بالعديد من الأشخاص الموجودين في هذه القاعة، وبدأ حينها كل شيء يتكامل، ولقد عرفت الكثير منكم منذ فترة طويلة”.
وتابع: “استمعنا وتبادلنا الأفكار حتى أنجزنا المهمة، والخطوات الأولى نحو السلام هي دائماً الأصعب”.
ووجه ترمب الشكر للدول العربية والإسلامية التي ساهمت في تحقيق هذا “الاختراق التاريخي”، قائلاً: “أود أن أعرب عن امتناني الكبير للدول العربية والإسلامية التي ساعدت في تحقيق هذا الإنجاز المذهل، وأنتم بالفعل من جعلتم ذلك ممكناً”.
وشكر ترمب، الرئيس محمود عباس على حضوره ومشاركته في القمة.
وعقد الملوك والرؤساء والقادة المشاركون في القمة، جلسة مباحثات مغلقة. كما وقّع قادة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا، وثيقة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.