11:54 مساءً / 13 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

قراءة في نص زيارة البرتقالة الكبرى ، هايكو سياسي ساخر للشاعرة رانية مرجية بقلم : الدكتور عادل جودة

قراءة في نص زيارة البرتقالة الكبرى ، هايكو سياسي ساخر للشاعرة رانية مرجية بقلم : الدكتور عادل جودة


طابت اوقاتكم

ما أبدعته الشاعرة رانية مرجية في “زيارة البرتقالة الكبرى” هو نص شعري هجيني يجمع بين أصالة الهايكو الياباني ومرارة السخرية السياسية ليخلق لوحة فنية فريدة تنتقد النظام السياسي المعاصر في قالب أدبي رفيع.

لقد استطاعت الشاعرة أن تحوّل المشهد السياسي إلى مجموعة من اللقطات السينمائية المركزة حيث تتحول الزيارة الرسمية إلى مسرح هزلي.


ففي المقطع الأول نرى “الهواء يرتدي كمامة” كناية عن تلوث الأجواء السياسية و”الأرض تصمت” إشارة إلى غياب الصدق في الخطاب الرسمي.

إن جمالية هذا النص تكمن في قدرته على تحويل الرموز السياسية إلى صور شعرية مفعمة بالدلالات.
فـ”الابتسامة الذهبية” التي “تحتها صفقة مؤجلة” تذكرنا بزيف البراق الذي يخفي تحته الحقائق المرة.


و”مصافحة الجدار” صورة سوريالية تعبر عن العبثية في التعامل مع القضايا المصيرية.

لقد برعت الشاعرة في استخدام المفارقة اللغوية حيث جعلت “اللغة تتوقف قليلاً لتلتقط أنفاسها” حين يتكلم الرئيس كناية عن فراغ الخطاب من المضمون.


كما صورت المؤتمر الصحفي كمشهد هزلي يضحك فيه المؤتمر بينما “المترجم يتنهد” من عناء ترجمة اللامعنى.

إن صورة “البيت الأبيض الذي يضيء بطلاء جديد لا بأفكار جديدة” تختزل أزمة السياسة المعاصرة التي تهتم بالمظاهر على حساب الجوهر.


كما أن سؤال الطفل “هل هذا المهرج ملك؟” يمثل صوت البراءة الذي يكشف زيف المسرحيات السياسية.

لقد نجحت الشاعرة في تحويل وسائل التواصل الاجتماعي إلى شخصيات فاعلة في النص حيث أصبحت التغريدة تهديداً يخيف العلم نفسه وصارت الاجتماعات الرسمية تقسم بين الترجمة والتغريدة.

إن خيال الشاعرة المبدع تجلى في جعل المرايا “خائفة أن تظهر الحقيقة”
وكأن حتى الجمادات تشارك في المسرحية.
كما أن صورة الرئيس الذي “يمدح نفسه كما يلمع الحذاء قبل التصوير” تفضح النرجسية المرضية في الشخصية السياسية.

لقد ختمت الشاعرة قصيدتها بدقة فنية عالية حيث جعلت العطر الرخيص ووعداً بالتغريدة هما كل ما تبقى من الزيارة في إشارة إلى زهاء الوعود السياسية وعدم جدارتها.

إن هذه القصيدة تمثل نموذجاً راقياً للأدب السياسي الساخر حيث تتحول السخرية إلى فن رفيع والنقد إلى إبداع جمالي فتصبح السياسة مادة للشعر ويصبح الشعر وسيلة لكشف الحقائق.

تحياتي واحترامي

زيارة البرتقالة الكبرى: هايكو سياسي ساخر

بقلم رانية مرجية
1
موكبُ ترامب،
الهواءُ يرتدي كمّامة،
والأرضُ تصمت.
2
ابتسامةٌ ذهبية،
تحتها صفقةٌ مؤجّلة،
والكاميرا تلمع.
3
يصافحُ الجدار،
يعدهُ بالعلوّ أكثر،
ثم ينسى الاتجاه.
4
في الاجتماع،
نصفُ الإصغاءِ للترجمة،
ونصفُهُ للتغريدة.
5
الورقُ يرتجف،
بين توقيعٍ وصورة،
رئيسُ الصدفة.
6
البيتُ الأبيض،
يضيءُ بطلاءٍ جديد،
لا بأفكارٍ جديدة.
7
في المطار،
طفلٌ يسألُ أمَّه:
“هل هذا المهرّجُ ملك؟”
8
حينَ يتكلم،
تتوقفُ اللغةُ قليلًا،
لتلتقطَ أنفاسها.
9
المؤتمرُ ضاحك،
الصحفيّ يرفعُ حاجبَه،
والمترجمُ يتنهّد.
10
يمدحُ نفسه،
كما يُلمّعُ الحذاء،
قبلَ التصوير.
11
العالمُ شاشة،
وهو البثُّ المباشر،
والعطلُ دائم.
12
في الشرقِ الأوسط،
كلُّ صفقةٍ تُروى،
كأنها نكتة.
13
العلمُ يرفرف،
ليس فخرًا بل خوفًا،
من تغريدةٍ قادمة.
14
في الموكب،
كلُّ مرآةٍ خائفة،
أن تُظهرَ الحقيقة.
15
الأمنُ يصفّق،
الناسُ تضحكُ سرًّا،
والنخيلُ يميل.
16
يُعلنُ السلام،
بين إعلانين تجاريين،
وجهُ السياسة.
17
الليلُ في المدينة،
يسخرُ من البروتوكول،
ويكتبُ شعرًا.
18
المنبرُ يئن،
تحتَ كلماتٍ منتفخة،
كبالونٍ فارغ.
19
حينَ يغادر،
تتنفّسُ الشوارع،
بهدوءٍ مُريب.
20
في آخر الزيارة،
يبقى العطرُ الرخيص،
ووعدٌ بالتغريدة.

شاهد أيضاً

إصابة شاب برصاص الاحتلال شرق طولكرم

إصابة شاب برصاص الاحتلال شرق طولكرم

شفا – أصيب شاب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الإثنين، خلال اقتحامها بلدة عنبتا …