المؤسسات الفلسطينية بحاجة إلى قادة… لا مجرد مدراء ، بقلم : د. عمر السلخي

من يكسب جيل الشباب، يربح المعركة
في فلسطين اليوم، كثير من المؤسسات منشغلة بالمناصب والألقاب، بينما الحقيقة المؤلمة أن القيادة الحقيقية غائبة، الإدارة التقليدية لا تكفي، فهي تعتمد على الروتين، القرارات المعلّبة، والتقارير الإدارية، بينما الواقع يتطلب قادة قادرين على الإلهام، التحفيز، وصناعة الفرق. المؤسسات التي تعتمد فقط على المديرين الروتينيين، غالباً ما تجد نفسها عاجزة أمام التغيير أو الأزمات الطارئة، أما من يملك قيادات حقيقية، فهو قادر على تحويل كل تحدٍ إلى فرصة للنمو والتطور.
قيادات حقيقية أم إدارات تقليدية؟
الفرق بين المدير والقائد يكمن في القدرة على تحفيز الفريق وإشعال الحماس داخله، وإظهار الرؤية بوضوح، وليس الاكتفاء بإصدار الأوامر، القائد الحقيقي يخلق بيئة عمل يشعر فيها كل موظف بأنه شريك في النجاح، ويعرف أن جهوده تؤثر فعلياً في مسار المؤسسة ، الإدارة التقليدية قد تبقي المؤسسة قائمة، لكنها لا تصنع الفرق ولا تلهم أحداً.
لماذا يعتبر جيل الشباب المعركة الحقيقية؟
الشباب هم وقود المستقبل، وهم من سيصنعون الفرق في مجتمعنا ومؤسساتنا. الاستثمار في توجيههم، تدريبهم، وتمكينهم يعتبر ضرورة استراتيجية ، فكل مبادرة تُبذل اليوم لصقل مهارات الشباب، هي خطوة نحو صمود المؤسسات واستمراريتها في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، ومن يفشل في كسب هذا الجيل، يخسر المستقبل قبل أن يبدأ، ومن ينجح في تمكينه، يربح المعركة الكبرى.
سمات القائد الذي يحتاجه واقعنا الفلسطيني
القدرة على التحفيز والإلهام: تحويل الرؤية إلى عمل جماعي حقيقي، بحيث يشعر كل فرد أن دوره مهم وأن نجاح المؤسسة نجاحه أيضاً.
التفكير الاستراتيجي: رؤية الصورة الكبيرة، التخطيط بعيد المدى، وتجنب الانغماس في التفاصيل الصغيرة التي لا تخدم الهدف العام.
المرونة والقدرة على التكيف: مواجهة التحديات بأفكار مبتكرة وحلول عملية، خصوصاً في بيئة متغيرة مثل فلسطين، حيث الأزمات قد تكون فجائية وغير متوقعة.
تمكين الآخرين: تدريب وإعداد فرق قادرة على اتخاذ المبادرة وتحمل المسؤولية، وخلق ثقافة عمل تجعل كل عضو في الفريق يشارك بفاعلية.
الاستثمار في جيل القادة
المؤسسات الفلسطينية بحاجة إلى برامج تدريبية عملية، استشارات قيادية، ومبادرات تهدف إلى تنمية مهارات الشباب وإكسابهم القدرة على القيادة الفعالة، لأن المؤسسات التي تستثمر اليوم في جيل الشباب، لا تبني فقط فرق عمل قوية، بل تضمن استمرار مسيرة التنمية والبناء، وتعزز قدرة المجتمع على الصمود في وجه التحديات المحلية والإقليمية.
رسالة إلى كل من يشغل منصب قيادي
ابدأ بقيادة نفسك أولاً: لأن القدوة تأتي من القائد قبل أن يطالب الآخرين بالتغيير.
استثمر في الشباب: فالمستقبل ملك لمن يعرف كيف يوجه ويحفز الطاقات الشابة، ويحول طموحهم إلى إنجازات حقيقية.
حوّل التحديات إلى فرص: فالمعركة الحقيقية ليست في إدارة المؤسسات فقط، بل في بناء جيل قادر على مواجهة الواقع الفلسطيني بصمود وإبداع وقيادة فعلية.