
مائة يوم بعد حكم إدارة ترامب ، تداعيات سلبية للولايات المتحدة وللعالم ، بقلم : تشو شيوان
قبل عدة أيام، أكملت إدارة ترامب مائة يوم في البيت الأبيض، وللأسف الشديد لم تحظَ بالتقدير الإيجابي، بل جاءت محمّلة بسيل من الانتقادات اللاذعة، داخليًا ودوليًا، ووفقًا لاستطلاع مشترك أجرته وسائل الإعلام الأمريكية مؤخرًا، فإن 55% ممن شملهم الاستطلاع أبدوا عدم رضاهم عن أداء هذه الإدارة، وهو أسوأ رقم تم تسجيله في نفس الفترة خلال الثمانين عامًا الماضية.
من الوعود إلى التحديات حيث يُظهر التحول من نصر انتخابي ساحق إلى مأزق سياسي واقتصادي خلال فترة قصيرة، عمق التحديات والأزمات التي تواجهها إدارة ترامب. ففي غضون مائة يوم فقط، تم اتخاذ سلسلة من السياسات المثيرة للجدل، أبرزها تنفيذ خطط لتسريح جماعي في قطاعات مهمة، وتشديد إجراءات الهجرة، وتخفيضات كبيرة في مخصصات البحث العلمي، بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مما ألقى بظلال قاتمة على الاقتصاد الأمريكي.
مؤشرات اقتصادية تنذر بالخطر حيث تشير البيانات الاقتصادية إلى تصاعد القلق الشعبي تجاه السياسات الجديدة، ووفقًا لتقرير نشرته شبكة “سي إن إن”، فإن 60% من المواطنين يرون أن سياسات الحكومة الأمريكية أدت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة. كما كشفت بيانات صادرة عن جامعة ميشيغان أن مؤشر ثقة المستهلك انخفض بنسبة 8% خلال الشهر الماضي، مسجلًا التراجع الرابع على التوالي، ولم تتوقف التحذيرات عند هذه الأرقام، إذ قال وزير الخزانة الأمريكي السابق، لورنس سمرز، إن هناك احتمالًا يفوق 60% بحدوث ركود اقتصادي ما لم يتم تعديل السياسات الاقتصادية الحالية خصوصًا تلك المتعلقة بالتجارة والتعريفات الجمركية.
سياسات خارجية تعاكس التصريحات فرغم تصريحات ترامب بأنه سيكون “رئيس السلام”، فإن الواقع يظهر العكس تمامًا. فقد شنت الولايات المتحدة هجمات على جماعة الحوثيين، وقدمت دعمًا لإسرائيل لمواصلة العملية العسكرية في قطاع غزة، وأجبرت أوكرانيا على توقيع اتفاقية المعادن، دون تحقيق تقدم يذكر في ملفات الوساطة بين روسيا وأوكرانيا أو بين الولايات المتحدة وإيران حتى الآن.
لا تزال التوقعات الاقتصادية تعكس مخاوف جدية حول المستقبل القريب. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يشهد الاقتصاد الأمريكي تباطؤًا ملحوظًا، ليصل معدل النمو إلى 1.8% في عام 2025، وهو التراجع الأكبر بين الاقتصادات المتقدمة كما تشير التوقعات إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى ما بين 3.5% و4%، في وقت يعاني فيه المواطن الأمريكي من تآكل القدرة الشرائية وتزايد الأعباء اليومية.
في ظل هذه الصورة القاتمة تتعالى أصوات التحذير من الداخل الأمريكي ومن الأوساط الاقتصادية الدولية، مطالبة الإدارة بتغيير المسار قبل فوات الأوان. وإذا استمرت السياسة الحالية القائمة على التصعيد والانغلاق، فإن خطر الانهيار السياسي والاقتصادي قد يصبح حقيقة واقعة، وفي المقابل ترسل سياسات ترامب في الفترة الأخيرة رسالة واضحة للعالم: لا يمكن للهيمنة أن تستمر دون ثمن، وأن المستقبل لا يُصنع بالصراع، بل بالتعاون، والانفتاح، والمصالح المتبادلة.
الموقف الصيني ثابت وتحذيري ففي هذا السياق أدانت الحكومة الصينية فرض الرسوم الجمركية، مؤكدة أن هذا الإجراء لا يساعد على حل المشاكل الاقتصادية والتجارية داخل البلاد، بل يضر بمصالح المستهلكين الأمريكيين والشركات المتوسطة والصغيرة الأمريكية، إضافة إلى تداعياته السلبية على الاقتصاد العالمي، وأظهرت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة رغبتها في التفاوض مع الجانب الصيني، ومن جانبها أكدت الصين أن موقفها تجاه الولايات المتحدة ثابت ودائم، وأنها ستقوم بتقييم نية واشنطن بجدية ومع ذلك من الضروري أن تُظهر الولايات المتحدة رغبة حقيقية في التفاوض مع الصين على أساس الاحترام المتبادل، والتعايش السلمي، والفوز المشترك. وأكدت الصين أنها ستبذل أقصى الجهود لحماية مصالحها الشرعية.