
وقف إطلاق النار والإبادة الجماعية ، تتحمله الإدارة الأمريكية و”إسرائيل” ، بقلم : عمران الخطيب
وقف إطلاق النار بقطاع غزة مسؤولية أخلاقية وإنسانية. يجب الوقف الشامل لإطلاق النار بدون تردد، وعلى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة العمل على وقف إطلاق النار وفرض العقوبات والحصار على “إسرائيل” كدولة احتلال تتحمل مسؤولية حماية المدنيين العزل بقطاع غزة.
الإدارة الأمريكية شريك أساسي، سواء كانت الإدارة السابقة برئاسة الحزب الديمقراطي أو إدارة الحزب الجمهوري برئاسة دونالد ترامب.
المظاهرات في تل أبيب قد تكون من حيث الشكل من أجل وقف الحرب وعودة المحتجزين الإسرائيليين، حيث فشل الجانب الإسرائيلي في تحرير هؤلاء المحتجزين رغم المسح الجغرافي والسكاني لقطاع غزة. ولكن تصاعد المظاهرات بهذا الحجم دليل على فشل حكومة نتنياهو الإرهابية، وفي نفس الوقت تحميل مسؤولية ما حدث يوم السابع من أكتوبر إلى شخص نتنياهو بشكل خاص، لأسباب متعددة تبدأ بالسماح بشرعنة حماس بقطاع غزة من خلال دخول الأموال القطرية بشكل شهري ومتواصل إلى حركة حماس.
وتورط نتنياهو ومكتبه ومساعديه في تلقي ملايين الدولارات من قطر. وكذلك فإن نتنياهو قال بشكل واضح: “من لا يريد دولة فلسطينية فليقف معي”. وقد حمّل النائب في الكنيست الإسرائيلي ليبرمان نتنياهو مسؤولية ما حدث يوم السابع من أكتوبر بسبب دخول الأموال القطرية. وفي نفس الوقت توفرت المعلومات عن تحضيرات حماس للعملية يوم السابع من أكتوبر ولم تُتخذ خطوات لمنع ذلك.
لقد شاهدنا انطلاقة هجوم كتائب القسام ومرور ساعات طويلة بدون أدنى تحرك للجيش الإسرائيلي، حيث يخضع قرار الجيش لنتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي. وتأكيدًا على ذلك فإن المستوى العسكري والأمني يرفض عملية عسكرية شاملة بقطاع غزة، ولكن الجيش ـ كما صرح رئيس الأركان الإسرائيلي ـ ملتزم بالقرار السياسي للحكومة الإسرائيلية.
نتنياهو يستمر في العدوان ليس فقط من أجل حماية نفسه من المحاكمة، بل من أجل السيطرة الشاملة على قطاع غزة وفصل المحافظات، وإقامة معسكرات الاعتقالات الجماعية، ووضع خيارات التهجير الإجباري والطوعي للفلسطينيين بقطاع غزة، أو اختيار الجوع والقهر والحصار والإبادة الجماعية.
تحت مظلة الانتظار لوقف إطلاق النار، فإن عملية التهجير قد بدأت بالتنفيذ من خلال ما يسمى “لمّ الشمل” للعديد من العائلات الفلسطينية التي وصلت إلى فرنسا وبلجيكا ودول أخرى لدواعٍ مختلفة، ولكن الهدف الأساسي هو التهجير.
قيادات حماس تتحمل مسؤولية هذه النتائج الكارثية، وخاصة التفرد في عملية المفاوضات. وما يتم الحديث حول “المشاورات” كلام غير صحيح، فهناك مشاورات شكلية وليست فعلية. حيث سبق وكانت المطالب بأن تتولى المفاوضات منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة وأن المفاوضات لا تتعلق بموضوع المحتجزين فقط، بل تتعلق بحياة ما يزيد عن مليونين ومئتين وخمسين ألف مواطن فلسطيني بقطاع غزة تحت المقصلة والإبادة الجماعية والتهجير.
المفاوضات بين حماس و”إسرائيل” والمبعوث الأمريكي يعقوب (يتكوف) والسيد خليل الحية، وقبل ذلك عشرات المرات من المفاوضات مع السيد ويليام بيرنز مدير المخابرات الأمريكية، ليست محصورة في الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين ووقف إطلاق النار، بل حول مستقبل حماس ودورها في “اليوم التالي”. وهناك من يفضل في حكومة نتنياهو الإرهابية الاتفاق مع حركة حماس، كما صرّح بذلك الوزير سموتريتش وزير المالية الإسرائيلي، لمنع نجاح المساعي الدولية للاعتراف بدولة فلسطين خلال اجتماع الدورة الجديدة للأمم المتحدة في نيويورك خلال شهر أيلول القادم.
لذلك ما يقال عن مشاورات مع الفصائل الفلسطينية ليس له أساس من الصحة، بل إن بعض الفصائل بعد إسقاط النظام في سوريا أصبح مقر إقامتها في قطر من خلال حركة حماس. والبعض منذ سنوات يحصل على المساعدات المالية من قطر عبر بوابة حركة حماس. بل أكثر من ذلك، فقد دعت حماس عددًا من الفصائل الفلسطينية إلى اجتماعات في قطر قبل ذهابهم إلى الحوارات الفلسطينية في العاصمة الصينية بكين.
لذلك هناك “سياحة فصائلية” في قطر من أجل تعزيز دورها كوسيط بين حماس و”إسرائيل”.
المطلوب اليوم: وقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين بقطاع غزة، وتولي ملف المفاوضات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ومن خلال مصر الدولة التي تتولى ملف الحوارات الفلسطينية. وإنهاء الانقسام من خلال جامعة الدول العربية.
ويجب أن تكون أولوية المفاوضات البدء بوقف إطلاق النار، وانسحاب “إسرائيل” الشامل من قطاع غزة، وتولي ملف الأمن لمصر في إطار إعادة الهيكلة، وتولي دولة فلسطين المسؤولية الشاملة بقطاع غزة، ومنع مخطط التهجير، والحفاظ على وحدة الجغرافيا الفلسطينية، وإسقاط مخطط تقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات محلية وفقًا لمخطط الجنرالات الإسرائيليين، والذي يهدف بشكل عملي إلى منع قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
صحيح أننا تحت الاحتلال، ولكن يجب أن نكون دولة فلسطينية معترفًا بها تحت الاحتلال، لا أن نكون مجرد شعب ينتظر تقرير المصير. خاصة وأننا قد تجاوزنا تقرير المصير وفقًا للقرارات الشرعية الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، ونتطلع إلى جلاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحل عادل للاجئين الفلسطينيين وفقًا للقرارات الشرعية الدولية.
عمران الخطيب