3:08 مساءً / 29 أبريل، 2024
آخر الاخبار

‎الفقعاوي يعلق الجرس، ‎غسان كنفاني المعضلة التنظيمية والرؤية السياسية (2) بقلم : ‎غسان ابو نجم

غسان ابو نجم

‎الفقعاوي يعلق الجرس، ‎غسان كنفاني المعضلة التنظيمية والرؤية السياسية (2) بقلم : ‎غسان ابو نجم

‎المقاومة ومعضلاتها كما تراها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

‎استكمالًا لما نشره الرفيق الدكتور وسام الفقعاوي حول دراسة الشهيد غسان كنفاني ولما اورده الشهيد غسان كنفاني في الجزء الأول من الدراسة يطرق غسان مسألة نشاة وتطور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي جاءت في ظروف عربية وفلسطينية غاية في التعقيد فهزيمة حزيران أثبتت١٩٦٧ بما لا يدع مجالا للشك أن الانظمةالعربيةالرسمية تجرعت هزيمة برامجها وأنها لا تمتلك رؤية واضحة لمواجهة الاحتلال الصهيوني للضفة والقطاع وباقي أجزاء فلسطين بحكم ارتباطها بالامبريالية العالمية وعجزها عن تحقيق الاهداف العربية المشروعة للجماهير العربية وعلى الصعيد الفلسطيني لم تمتلك القوى المتواجدة رؤية واضحة لكيفية دحر الاحتلال واستمرت بتبعيتها بشكل أو بآخر بانظمة البرجوازية الصغيرة التي حاولت تبرير هزيمتها عبر التمسح بالنضال الوطني الفلسطيني والبندقية الفلسطينية مما أفقد الطرف الفلسطيني استقلالية قراره


‎في ظل هذه التعقيدات والتشابكات السياسية اصبح من الضروري وجود تنظيم فلسطيني يمتلك رؤية سياسية واضحة وبرنامج نضالي ثوري ونظرية ثورية يسترشد بها فكانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي أفرزتها الضرورة الموضوعية رغم كل محاولات التضيق والتشويه والملاحقة ووسمها بالارهاب وافتعال الانشقاقات الا أنها شقت طريقها معلنة هويتها السياسية في مؤتمرها الثاني عام ١٩٦٩وتم وضع الإستراتيجية السياسية للجبهة المستند للنظرية الماركسية اللينينية ومستلهما تجارب الثورات العالمية وقادتها ومفكريها التاريخين لينين وماو تسي تونغ
‎وهوشي منه ولوكاش محددة رؤيتها ضمن ثلاث مفاصل اساسية


‎الفكر السياسي والممارسة القتالية والمسألة التنظيمية أو المثلث الذهبي كما اسماه ماو تسي تونغ

‎ورغم تعرضها لحالات من التفسخ والانشقاق (جبهة التحرير الفلسطينية والقيادة العامة والديموقراطية )ورغم ذلك استمرت في عملها النضالي الذي استلهم تجارب الثورات العالمية ووضعت برنامجها السياسي

‎المستند للنظرية الماركسية في تشخيص الواقع الفلسطيني والعربي ووضع آليات تغيره لتكون الحزب الفلسطيني الأوحد الذي دعا لتوطين النظرية الثورية متجاوزًا بذلك حالة الفهم الميكانيكي للثورة حيث ادركت الجبهة اهمية النضال الوطني والطبقي لتحقيق دحر الاحتلال بعد هزيمة حزيران ٦٧التي كانت هزيمة لبرامج الأنظمة العربية بما فيها الانظمة البرجوازية الصغيرة ذات الصبغة الوطنية وان الصراع الوطني الفلسطيني يرتبط ارتباطا جدليًا مع الصراع العربي الصهيوني وهذا الشعار السياسي كان بدايةً لوضع برنامج سياسي يربط بين الوطني الطبقي الفلسطيني مع القومي الطبقي العربي مما يحتم تشكيل أوسع جبهة عربية تقدمية مهمتها النضال ضد الاستغلال الطبقي للبرجوازيات العربية والنضال ضد الرأسمالية العالمية وقاعدتها المتقدمة الكيان الصهيونى التي تهيمن وتستغل مقدرات الامة العربية وتحتل بشكل مباشر فلسطين بوصفها جزء من هذا الوطن العربي الكبير


‎ان هذه الرؤية السياسية كانت بتقديري ادق فهم لطبيعة الصراع مع الاحتلال الصهيوني بوصفه يشكل تهديدا مباشرا للامة العربية وليس لفلسطين وحدها مما ميز الجبهة الشعبية عن باقي الفصائل الفلسطينية الاخرى الغارقة بالإقليمية أو التي شكلت مشروعًا للبرجوازية الفلسطينية ومتميزة عن اليسار الفلسطيني الطفولي أو البراغماتي الغارق بالتنظير او الناسخ الميكانيكي للتجربة السوفيتية

‎ولتحقيق ألاهداف بالتحرر ترى الجبهة الشعبية ان تكتيك حرب العصابات وإستراتيجية حرب التحرير الشعبية هي الوسيلة الاساس في محاربة العدو الصهيوني على مستوى الوطن العربي ومعركة الكرامة كانت مثالًا حيًا لصحة هذه الرؤيا بعد ان اثبتت عجز الجيوش العربية الرسمية المحكومة بقرار سياسي لهذه الانظمة في تحقيق هذه الاهداف

‎ثم ينتقل غسان الى اهمية التأهيل والتدريب لعناصر التنظيم وتهيئة المقاتلين لخوض هذه الحرب عبر تدريبهم في قواعد عسكرية تشكل بؤرة ثورية وان يجهز كل سياسي ليكون مقاتلا وكل مقاتل سياسي وضرورة الحفاظ على درجة عالية من الحس الامني الذي افتقدته بعض الفصائل عبر فتح قواعدها للاعلاميين مما سهل نقل المعلومة للعدو كما ركز غسان على ضرورة عدم الانجرار خلف المناكفات التنظيمية التي تشغل عناصر التنظيم عن الهدف الأساسي للثورة

‎وعن المعضلة العسكرية التي واجهت الثورة الفلسطينية في خوضها للحرب الشعبية يورد غسان اربع اشكالات هي
‎ضرورة تسلح المقاتل بالرؤية السياسية


‎الاشكالية الجغرافية المتمثلة بصغر الرقعة الجغرافية وتواجد التكتلات الاستيطانية حرم المقاومة من حرية الحركة والمرونة والخطوط الواسعة التي تسهل حرب التحرير الشعبية كما حدث في الصين وفيتنام


‎تشرذم الفصائل الفلسطينية التي واجهت احتلالًا موحدًا على الاقل في مواجهتها
‎التفوق التكنولوجي والتقني للعدو الصهيوني

‎خلاصة القول يرى غسان كنفاني ان الساحة الفلسطينية يجب ان تحتضن تنظيمًا حديديا مدرب ومتمرس ومسلح بنظرية ثورية ويمتلك رؤية سياسية واضحة تحدد طبيعة الصراع ومعسكر الاعداء ويمتلك برنامجًا سياسيا وطنيًا مرتبطا بعمقه العربي

‎فكانت الجبهة الشعبية التي امتلكت كل هذه الوصفات وشقت طريقها نحو الاهداف الرئيسية السياسية رغم كل الإعاقات التي واجهتها

‎اما السؤال الاهم الذي يجب علينا طرحه هل يمكن ان يكون هذا البرنامج الذي وضعه غسان كنفاني بوصفه رؤية الجبهة الشعبية صالحًا حتى تاريخنا الحاضر ?وهل يحق لنا إجراء هذه المقاربة من الناحية النظرية ?
‎من المعلوم ان البرامج والتكتيكات ترتبط بظرفها التاريخي المحدد وتكتسب مشروعيتها ضمن اطارها التاريخي وتحاكم بموجبه

‎تحديدًا الموقف السياسي لأن السياسة أم المتغيرات ولان الصراع الفلسطيني الصهيوني والعربي الصهيوني اخذ إشكالًا أكثر تعقيدًا وطرأ العديد من المتغيرات السياسية إلا ان الهدف الاستراتيجي المتمثل بتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني واستراتيجية حرب التحرير الشعبية هي الوسيلة الانجع لدحر الاحتلال وضرورة وجود تنظيم حديدي متسلح بالنظرية الثورية ويكون ناظما بين النظرية والجماهير وقائدًا لها مسألة في غاية الاهمية والضرورة مما يعني ان هذه الدراسة تشكل دليل عمل للحزب الثوري ومرشدًا له في طريقه النضالي


ختامًا أرى ان ما اورده غسان كنفاني في هذه الدراسة توحي بأننا أمام قائد سياسي فذ أدرك الواقع الفلسطيني وثورته ونظر إليها بعين الناقد المثقف الماركسي والمطلع على تجارب الثورات العالمية ورسم ملامح برنامج شامل للحزب والثورة ملتقطًا مجمل المتغيرات التي تحيط بهما وواضعًا لبرنامج نضالي يصلح لأن يكون مرشدًا لها في مقارعتها للاحتلال الذي لا يزال قائمًا ويجثو على انفاس شعبنا وامتنا ويتمدد والمطلع على واقعنا السياسي العربي والفلسطينى يدرك ان غسان كنفاني لا يزال حيًا فينا ويلامس واقعنا ويكشف عن معضلاتنا التي نتعايش معها وإن طرائق الحل التي طرحها والمتمثلة بضرورة وجود حزب ثوري يقود الجماهير المتعطشة للحرية وضرورة تشكيل جبهة عربية تقدمية تعتمد أستراتيجية حرب التحرير الشعبية لا زال هو الحل الأمثل للخلاص من الاحتلال

شاهد أيضاً

أبو عطيوي لـ" شفا " : دولة الإمارات على عهد المؤسس الشيخ زايد في تقديم يد العون لشعبنا الفلسطيني

أبو عطيوي لـ” شفا ” : دولة الإمارات على عهد المؤسس الشيخ زايد في تقديم يد العون لشعبنا الفلسطيني

شفا – وجه الكاتب الصحفي ثائر نوفل أبو عطيوي، الشكر لدولة الامارات، على دعمها المتواصل …