10:27 صباحًا / 15 أكتوبر، 2025
آخر الاخبار

سلام – ترامب – …هل هو غطاء لمشروع توراتي ؟؟ ، بقلم : بديعة النعيمي

سلام – ترامب – …هل هو غطاء لمشروع توراتي ؟؟ ، بقلم : بديعة النعيمي

شهد العالم يوم ١٣/أكتوبر/٢٠٢٥، واحدة من أوسع عمليات تبادل الأسرى بين الحركة الإسلامية حماس ودولة الاحتلال منذ سنوات، في خطوة تعد جزءا من اتفاق تهدئة شامل تم التوصل إليه بوساطة مصرية وقطرية وبرعاية أمريكية.


بدأت العملية بتسليم حماس دفعتين من الرهائن الصهاينة الأحياء، والذين بلغ عددهم ٢٠، إلى “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، التي قامت بنقلهم إلى الأراضي المحتلة لتلقي العلاج والرعاية. الرهائن الذين تم الإفراج عنهم كانوا على غير المتوقع في حالة صحية جيدة بعد عامين من الحرب والمجاعة، وتم إدخالهم مباشرة إلى المستشفيات لتقييم حالتهم.

في المقابل، أفرجت دولة الاحتلال عن ما يقارب ٢٠٠٠ أسير فلسطيني متعبين ومرهقين جراء التعذيب في المعتقلات الصهيونية، بينهم نحو ١٧٠٠ تحت مسمى معتقل إداري، من غزة كانوا محتجزين دون توجيه تهم رسمية، إضافة إلى ٢٥٠ مدانا بما يسمى “قضايا أمنية”، وبعضهم محكوم بالسجن المؤبد.


تم ترحيل ١٥٤ منهم إلى خارج الأراضي المحتلة، خصوصا إلى مصر ودول ثالثة. ووزع الباقون بين الضفة الغربية وغزة، حيث تم استقبالهم رغم أنف الاحتلال باحتفالات جماهيرية واسعة. خرج الآلاف في مناطق مثل خان يونس وجنين ورفح لاستقبال أبنائهم، بينما عمت الفرحة مخيمات اللاجئين وأحياء القدس الشرقية، وسط رفع الأعلام الفلسطينية وصور الأسرى.

الصفقة حملت أبعادا سياسية عميقة، إذ جاءت كجزء من خطة أمريكية أوسع لإحياء ما تسمى ب “عملية السلام” في المنطقة، وقد شملت أكثر من ٢٠ بندا للتنفيذ التدريجي، منها انسحاب جزئي لقوات الاحتلال من مناطق في غزة، وفتح ممرات إنسانية، وتسهيلات اقتصادية محددة.


إلا أن البعض في دولة الاحتلال رأى أن الصفقة تضمنت تنازلات كبيرة، وخاصة في ظل ضغوط عائلات الرهائن وغياب الوضوح حول مصير بعض القتلى حيث قامت حركة حماس بتسليم ٤ واعتذرت عن الباقي لظروف ميدانية.

إعلاميا، حاولت دولة الاحتلال الحد من تغطية المشاهد التي تظهر فرحة ذوي الأسرى من الفلسطينيين، وأطلقت تحذيرات ضد أي مظاهر احتفال، وهددت باتخاذ إجراءات ضد من يظهر دعما للمفرج عنهم ممن تعتبرهم “مدانين بالإرهاب”. في المقابل، بثت وسائل إعلام فلسطينية مشاهد لحظة وصول الأسرى المحررين، ولقاءاتهم المؤثرة مع عائلاتهم بعد سنوات من الفقد والحرمان، الأمر الذي عزز من رمزية الحدث وعمق آثاره في الوعي الجمعي الفلسطيني.

أما عن تسليم الرهائن لدى الحركة، فلم تكن هناك أية مظاهر كالتي شهدناها في عمليات التسليم السابقة وقد تعهدت حماس بذلك للوسطاء. إنما ما حصل أنها سمحت للرهائن بالحديث مع عائلاتهم عبر اتصالات والحديث معهم صوتا وصورة، وقد ظهر إلى جانب الرهائن عناصر من كتائب القسام، ربما لإرسال رسالة إلى “نتنياهو” أننا لا زلنا هنا وسنبقى.

ولكن….


رغم ما تحمله الصفقة من بنود تبدو للوهلة الأولى وكأنها بوادر انفراج، فإن احتمالية صمودها تبقى موضع شك في ظل تاريخ حافل من نكث هذا الاحتلال للاتفاقات والعهود. وهي ليست المرة الأولى التي توضع فيها الأوراق على الطاولة، لكن في كل مرة كانت دولة الاحتلال توظف الوقت والمفاوضات لفرض وقائع جديدة على الأرض، لا للالتزام بما تم التوقيع عليه.

وما يثير القلق أكثر، هو ما جاء في خطاب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في “الكنيست” الصهيوني يوم أمس، والذي حمل بين سطوره إشارات رمزية كثيرة. فقد استخدم عبارات استحضرت نبوءات توراتية عما تسمى “إسرائيل الكبرى” حين تكلم عن “إسرائيل عظمى”، كما وتحدث بإيحاءات عن “دورها القيادي في العالم الجديد”.

خطاب “ترامب” لم يكن سياسيا، بقدر ما كان عقائديا يستدعى عادة في لحظات مفصلية. هذه اللغة ليست بريئة، بل قد تشير إلى أن ما يخطط له يتجاوز مجرد صفقة مؤقتة، إلى مشروع توسعي طويل المدى، تسعى فيه دولة الاحتلال لتثبيت هيمنة جيوسياسية ودينية على حساب شعوب المنطقة. وربما ما يراد تمريره اليوم تحت غطاء “السلام”، قد يكون نواة لتحولات عميقة في شكل الصراع ومآلاته في قادم السنوات.

شاهد أيضاً

الاحتلال يغلق مدخل المغير شمال شرق رام الله

شفا – أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، مدخل قرية المغير شمال شرق رام الله. …