
صواعق كهربائية مطورة ورصاص مطاطي في سجون الاحتلال ، بقلم : بديعة النعيمي
أعلنت إدارة سجون الاحتلال عن إدخال أنواع جديدة من الأسلحة لقمع الأسرى الفلسطينيين، منها الصواعق الكهربائية والرصاص المطاطي.
والجدير بالذكر أن هذه الأدوات وفقا لتقارير صادرة عن نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى، قد بدأت تستخدم فعليا داخل سجن “جلبوع”، حيث يتعرض الأسرى لعمليات تعذيب بشعة تشمل تقييدهم داخل ساحات السجن وصعقهم بالكهرباء، سكب الماء البارد على أجسادهم، ثم تعريضهم لمزيد من الصعق حتى فقدان الوعي.
وتعد هذه الممارسات، وفقا للهيئة، تطورا خطيرا في النهج القمعي الذي يتبعه الاحتلال داخل السجون، ويشكل تهديدا مباشرا لحياة الأسرى، عبر استخدام أجسادهم كحقول تجارب لأسلحة جديدة.
وما يجري اليوم في سجون الاحتلال ما إلا هو امتداد لنمط تاريخي من القمع بدأ مع الانتداب البريطاني على فلسطين. خلال فترة الانتداب ١٩٢٠–١٩٤٨، حيث استخدمت سلطات الاحتلال البريطاني ما عرف آنذاك ب “قوانين الطوارئ والاعتقال الإداري” بشكل واسع لقمع حركة المقاومة الفلسطينية، وأقامت معسكرات اعتقال جماعية مثل معتقل “صرفند” وغيره العشرات، حيث تم اعتقال آلاف الفلسطينيين دون محاكمة. كما مارست بريطانيا التعذيب وأساليب التحقيق العنيفة، بما في ذلك الضرب المبرح، الحرمان من النوم، والعزل الانفرادي، وهي ذات الأساليب التي ورثها الاحتلال الصهيوني عقب إنتهاء الانتداب.
فبعد ١٩٤٨ قامت دولة الاحتلال بتبني ما سمي ب “قوانين الطوارئ البريطانية”، وطبقتها على شعبنا الفلسطيني في الداخل والمناطق المحتلة لاحقا.
وبعد ١٩٦٧ واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة أصبحت السجون الصهيونية مركزا أساسيا في منظومة السيطرة على أصحاب الحق، حيث اعتقل منذ ذلك الحين عشرات الآلاف.
وخلال الانتفاضة الأولى/الحجارة ١٩٨٧، ارتفعت وتيرة الاعتقالات الجماعية، وواجه أسرانا داخل المعتقلات أبشع أشكال التعذيب، من بينها التعليق لساعات طويلة والضرب بالكابلات والتهديدات بالاعتداء الجنسي ناهيك عن التعذيب النفسي.
أما أثناء الانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٠، فقد قامت دولة الاحتلال بإعادة فتح مراكز تحقيق سرية، وطبقت فيها أساليب تحقيق قاسية، شملت الصعق بالكهرباء والحرمان من النوم والعزل الطويل، وكل ذلك محظور دوليا، إلا أن كل شيء مباح لدولة الظلم حتى لو كان من ضمن المحظورات.
ما بعد عام ٢٠٠٥ شهدت سجون الاحتلال تزايدا في استخدام الاعتقال الإداري بدون تهمة أو محاكمة، حيث يتم احتجاز الأسير بناء على “ملف سري”، لا يعرض حتى على المحامي.
وبعد هبة القدس في ٢٠٢١، ثم عملية “طوفان الأقصى” ٢٠٢٣، ارتفعت وتيرة القمع داخل السجون، وتمثلت في الاعتداء الجماعي على الأسرى وسحب الحقوق الأساسية كما تم منع الزيارات، واستخدمت إدارة السجون العزل للأسير كجزء من التعذيب النفسي، والأنكى أنها وسعت استخدام وحدات القمع الخاصة ضد الأسرى مثل وحدة “متسادا”.
وبالعود إلى إدخال الصواعق الكهربائية والرصاص المطاطي المطور مؤخرا، فإن ذلك يأتي كانتقام وتعويض عن فشل “نتنياهو” وجيشه في غزة.
وقد أكدت منظمات ما تسمى ب “حقوق الإنسان” أن الاحتلال الصهيوني، يمارس التعذيب بشكل ممنهج وواسع، مما يعد انتهاكا لاتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها دولة الاحتلال عام ١٩٩١. وتكشف تقارير مؤسسات دولية، منها الصليب الأحمر، أن ممارسات القمع في سجون الاحتلال، تصل في كثير من الأحيان إلى جرائم حرب، خصوصا حين يتم استخدام أدوات التعذيب ضد الأسرى المرضى أو الأطفال.
وما إدخال أدوات التعذيب الجديدة الآنفة الذكر إلا جزء من البنية الأيديولوجية الذي يقوم عليه نظام الاحتلال، والذي لا يرى في الأسرى إلا “أعداء دائمين”، ويستثمر في قمعهم سياسيا وأمنيا وحتى إعلاميا. فالسجن أضحى بالنسبة لهذا العدو الفاشي أداة من أدوات الحرب النفسية والسياسية المستمرة ضد شعبنا الفلسطيني الصامد.
ومن هنا، فإن استمرار الصمت الدولي والتواطؤ مع هذه السياسات يعزز من ثقافة الإفلات من العقاب، ويشجع الاحتلال على مزيد من الانتهاكات.
ولكن وبرغم التاريخ الطويل لقمع بذرة المقاومة، تبقى السجون الساحة المركزية في المعركة المستمرة لتحرير فلسطين.
يرونه بعيدا ونراه قريبا بإذن الله تعالى.