2:47 مساءً / 18 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

الشرعية الدولية تحت الأختطاف ، ماذا يعني قرار مجلس الأمن؟ بقلم : مروان إميل طوباسي

الشرعية الدولية تحت الأختطاف ، ماذا يعني قرار مجلس الأمن؟ بقلم : مروان إميل طوباسي

لم يكن القرار الأميركي الذي مرّر في مجلس الأمن ليلة الأمس مفاجئاً ، رغم تحذيراتنا السابقة حول ذلك ، بل تتويجاً لمسار طويل من الضغوط والأصطفافات الإقليمية والدولية . ما جرى هو تكريس وصاية جديدة على الشعب الفلسطيني بغطاء الشرعية الدولية ، من دون أن يكون مجلس الأمن نفسه هو المرجعية ، بل مجلس السلام برئاسة “ترامب” وفق روحية الخطة التي أُعيد تسويقها عبر ما يسمى بـ“قوة استقرار دولية تنفيذية” او بإدخال تعديلات لا جوهر لها .

القرار بصيغته النهائية لا يفرض وقفاً لإطلاق النار ، ولا يلزم إسرائيل بوقف عدوانها أو إنهاء احتلالها ، بل يربط أي مسار سياسي بشروط ميدانية تصنعها القوة المحتلة نفسها . وهو يعيد إنتاج معادلة غير متوازنة لا تقوم على نزع سلاح الأحتلال ووقف إرهاب المستوطنين والتوسع الكولنيالي ، مع فرض ترتيبات أمنية تُدار من الخارج ، بما يشبه إعادة وضع شعبنا الفلسطيني تحت وصاية أميركية –بريطانية – إسرائيلية .

والأخطر أن القرار يفتح الباب أمام مصادرة تدريجية للشرعية الدولية نفسها ، إذ يتجاوز فعلياً عشرات القرارات السابقة التي شكلت الأساس القانوني للقضية الوطنية التحررية الفلسطينية ، بدءاً من حق تقرير المصير ، مروراً بقرارات الانسحاب وعدم جواز الأستيلاء على الأرض بالقوة ، وصولاً إلى قرارات حماية المدنيين وغيرها وحتى إلى اي اتفاقيات موقعة سابقا وتتعلق بقطاع غزة اساساً وصولاً الى الأستحواذ على كافة الموارد والمصادر الطبيعية فيها ومن ضمنها الغاز ، بل والتحكم في اصدار التشريعات اللازمة وإلغاء غيرها خاصة في شأن الولاية الجغرافية والسياسية لمنظمة التحرير .

ما نراه اليوم هو محاولة لإحلال “شرعية أمر واقع” محل الشرعية الدولية التاريخية ، وتحويل مجلس الأمن من جهة ضامنة للحقوق إلى طرفٍ يعيد تعريفها بما ينسجم مع ميزان القوة الأميركي–الإسرائيلي وعنجهيته .

أما الصين وروسيا ، فامتناعهما عن التصويت ، بعد سحب مشروع قرارهما المشترك الذي تضمن حماية الحقوق الوطنية لشعبنا ولنصوص الشرعية الدولية ، عكس حدود القدرة على المواجهة داخل مجلس الأمن ، خاصة بعد أن أيدت القرار الامريكي دول عربية وإسلامية إلى جانب السلطة الوطنية الفلسطينية .

نحن أمام لحظة سياسية بالغة الخطورة ، صحيح أن القرار ليس نهاية المطاف ، لكنه يؤسس لتحول عميق في البيئة الدولية ، وقد يضع الساحة الفلسطينية أمام تحديات داخلية صعبة أولها الفصل الجغرافي لمحافظات الوطن الواحد وتنفيذ مفهوم “حل الدولتين” بدون الدولة الفلسطينية ، إضعاف منظمة التحرير وعمودها الفقري حركة “فتح” وعموم الحركة الوطنية التاريخية ، رغم ان كل طرف منهم يحتاج الى الإصلاح والأستنهاض لكن بقرار وطني مستقل قد نادى شعبنا به منذ فترات ، وتدويل إدارة الملف الفلسطيني بما يخدم رؤية واشنطن وتل أبيب ، إلى جانب تحويل الصراع إلى ملف “إدارة أمنية–اقتصادية” بدل كونه قضية تحرر وطني .

ومؤسف أن يأتي هذا التحوّل الدولي في لحظة انكشاف عربي غير مسبوق ، حيث تراجعت بعض العواصم عن الحد الأدنى من الالتزام السياسي والأخلاقي تجاه فلسطين ، واكتفت بالتماهي مع الإيقاع الأميركي بحثاً عن استقرار وهمي . لكن الأكثر إيلاماً أننا نحن الفلسطينيين أنفسنا نجد اليوم أن انقسامنا وتشرذمنا الداخلي ، وما حدث من أخطاء ، والإصرار على عدم المراجعة النقدية لمسيرتنا دون منهج ديمقراطي ، والسماح للغير بمصادرة قرارنا الوطني المستقل ، الذي دفع الشهيد المؤسس ياسر عرفات حياته ثمناً للحفاظ عليه ، قد أضعف قدرتنا على مواجهة هذا المسار ، وسمح للآخرين بالتصرف بأسمنا وتحديد مستقبلنا . هذه الحقيقة يجب الإعتراف بها بشجاعة ، لا للإحباط ، بل كي لا نستمر في فعل الشيئ نفسه ونتوقع نتائج مختلفة .

شاهد أيضاً

متحدثة: الصين لا تقبل الاحتجاج غير المبرر من اليابان بشأن دورية خفر السواحل

شفا – قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية اليوم الثلاثاء إن دياويوي داو والجزر التابعة …