1:36 مساءً / 21 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

ضم غير معلن يهدد قرى شمال غرب القدس ، بقلم : معروف الرفاعي

بيت إكسا، النبي صموئيل، حي الخلايلة أمام واقع جديد

ضم غير معلن يهدد قرى شمال غرب القدس ، بقلم : معروف الرفاعي


في خطوة وُصفت بأنها الأخطر منذ سنوات، شرعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بفرض إجراءات إدارية وأمنية مشددة على قرى بيت إكسا والنبي صموئيل وحي الخلايلة شمال غرب القدس، عبر إلزام سكان هذه المناطق بالحصول على بطاقات ممغنطة وتصاريح دخول خاصة، ليتمكنوا من العبور إلى قراهم عبر حاجز الجيب العسكري أو ما يُعرف بحاجز “جفعات زئيف”.


هذه الخطوة، التي تبدو للوهلة الأولى مجرد إجراء أمني، تحمل في جوهرها إعادة تصنيف قسري للسكان الأصليين باعتبارهم “مقيمين مؤقتين” في أراضيهم، وتُمهد لعزل هذه القرى عن محيطها الفلسطيني وربطها إداريًا وأمنيًا بالسيطرة الإسرائيلية المباشرة، والأخطر أن ذلك يتزامن مع إعلان سلطات الاحتلال عن ضم كتلة جفعات زئيف الاستيطانية إلى حدود ما تعرف ببلدية القدس، في إشارة واضحة إلى مشروع “القدس الكبرى” الهادف إلى تفريغ محيط المدينة من سكانه الفلسطينيين وتوسيع نطاق الضم الزاحف.


من الناحية القانونية، يُعد فرض التصاريح على السكان الأصليين في أراضٍ محتلة انتهاكًا لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على قوة الاحتلال تغيير الوضع القانوني للسكان أو حرمانهم من حرية التنقل، كما أن التعامل مع هذه القرى وكأنها مناطق إسرائيلية خالصة يمثل ضمًا فعليًا غير معلن، يخالف مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة.


لكن البعد الإنساني لا يقل خطورة؛ فالسكان الذين يعيشون داخل هذه القرى، وعددهم نحو ألفَي نسمة موزعين بين القرى الثلاث، سيواجهون عزلة شبه تامة عن محيطهم الطبيعي، مع ما يترتب على ذلك من تعطّل الوصول إلى المدارس والمستشفيات ومصادر العمل، أما أصحاب الأرض الأصليين الذين يسكنون خارج هذه القرى منذ عقود، فإنهم مهددون بفقدان حقهم في العودة إلى أراضيهم ومنازلهم، إذ لن يعترف بهم كـ”سكان مقيمين”، الأمر الذي يعمّق مأساة التهجير القسري المتدرج.


سياسيًا، فإن إعلان ضم كتلة جفعات زئيف وتوسيع حدود بلدية الاحتلال في القدس يمثّل رسالة إسرائيلية واضحة بأن مشروع “القدس الكبرى” يُنفذ عمليًا على الأرض، بعيدًا عن أي مسار تفاوضي أو التزام بالقانون الدولي، هذا التطور يهدد ما تبقى من إمكانية لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، ويعكس إصرار الحكومة الإسرائيلية على فرض وقائع جديدة يصعب التراجع عنها.


أمام هذا الواقع، تبدو الحاجة ملحّة إلى تحرك فلسطيني على مستويين:

  • سياسي ودبلوماسي: من خلال مخاطبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجمعية العامة، وتفعيل ملف المحكمة الجنائية الدولية باعتبار ما يجري شكلاً من أشكال الضم القسري والتمييز العنصري. كما يتطلب الأمر تنسيقًا عربيًا وإسلاميًا ودوليًا واسعًا لتشكيل جبهة ضغط حقيقية على إسرائيل.
  • عملي داخلي: عبر دعم صمود الأهالي في هذه القرى ماليًا وخدماتيًا، وتوثيق الانتهاكات بشكل منهجي، وتوفير بدائل خدمية عاجلة من تعليم وصحة وتنقل، بما يحول دون نجاح الاحتلال في عزل هذه المجتمعات واقتلاعها من جذورها.


إن ما يجري في بيت إكسا والنبي صموئيل وحي الخلايلة ليس مجرد تفاصيل محلية، بل هو اختبار جديد لقدرة القيادة الفلسطينية والحكومة على التصدي لسياسات الضم الزاحف، فإما أن يتم التعامل معه كملف مركزي في الصراع على القدس، أو سيصبح حلقة إضافية في سلسلة طويلة من الوقائع المفروضة التي تتآكل معها الأرض والحقوق يومًا بعد يوم.

  • – معروف الرفاعي – مستشار محافظ القدس .

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الأحد 21 سبتمبر كالتالي : سعر أونصة الذهب عالمياً …