
وعام ثالث … بلا جرس ولا دفاتر !! بقلم : د. منى ابو حمدية
في غزة، يرحل عام ويأتي آخر،
والأطفال ما زالوا ينتظرون جرساً لم يقرع،
وسبّورةً لم تُمسح، ودفتر أحلام لم يُفتح.
ثلاثة أعوام تمرّ،
المدارس أطلال،
الروضات ركام،
والجامعات ذاكرة محروقة
ثلاثة أعوام، كفيلة بأن تُطفئ في العيون ضحكة الطفولة،
وتُحوّل الحلم بالعلم إلى سؤال يتيم:
“متى يعود الدرس؟”
في غزة،
يخرج الصغار مع الفجر بحثاً عن رغيف،
فيعود بعضهم بلا رغيف… بل بلا عودة.
الأمهات ينتظرن أبناءهن عند أبواب الغياب،
والآباء يفتّشون عن الحياة بين أنقاض الحياة.
أي ذنبٍ ارتكب هؤلاء الصغار،
حتى يُسرق حاضرهم،
ويُغتال مستقبلهم،
وتُمحى سنواتهم كما تُمحى الكلمات من سبّورة مهشّمة؟
غزة…
ليست مجرد أرض محاصرة،
إنها طفلة تحمل حقيبتها على كتفها الممزق،
وشاب يقف على باب جامعةٍ بلا أبواب،
وفتاة تكتب أحلامها على الجدران،
وتبكي لأنها تعرف أن الحروف قد لا تجد مستقبلاً يحتويها.
ومع ذلك،
رغم الظلام، يضيئون الشموع.
رغم الخراب، يكتبون على الركام.
رغم الموت، يصرخون للحياة:
لن يُمحى الحرف، لن يُقتل الحلم.
عام ثالث بلا جرس ولا دفاتر،
لكن غزة تعرف أن الأجراس ستدقّ يوماً،
وأن الدفاتر ستعود لتُفتح من جديد،
وأن الأجيال التي كُسرت اليوم،
ستنهض غداً وتكتب التاريخ بحبر الصمود.
غزة… كتاب مثقوب بالرصاص،
لكن صفحاته ما زالت تُكتب بالدم والأمل معاً.
نداء إلى الضمير الإنساني:
إلى كل قلبٍ حي،
إلى كل ضمير لم يمت بعد…
أطفال غزة ليسوا أرقاماً تُعرض في نشرات الأخبار،
إنهم المستقبل الذي يُذبح أمام أعين العالم.
أعيدوا للمدارس أجراسها،
للأطفال دفاترهم،
للشباب جامعاتهم،
ولغزة حقها في الحياة.
فالتعليم ليس رفاهية،
التعليم حقّ،
وإنقاذه هو إنقاذ للإنسانية كلها.
- – د. منى ابو حمدية – فلسطين