شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
قراءة ادبية في نص الشاعرة رانية مرجية ألوان الروح القدس ، بقلم : الكاتب العراقي عادل جودة
النص “ألوان الروح القدس” لرانية مرجية يندرج في إطار الكتابة التأملية – الصوفية التي تنهل من رمزية دينية عميقة لكنه يعبّر عنها بلغة شعرية رقيقة أقرب إلى المناجاة الروحية منه إلى الطرح اللاهوتي المباشر.
البنية الأسلوبية
النص يقوم على مقطوعات متتابعة كل مقطوعة تجسّد واحدة من مواهب الروح القدس السبع (الحكمة- الفهم- المشورة-القوة- العلم-
- التقوى-مخافة الرب).
تعتمد الكاتبة على أسلوب التصعيد التدريجي حيث تتوالى المواهب كأنها طبقات نور تكتمل في النهاية بقوس قزح رمزي يلمّ شتاتها.
اللغة مشبعة بالصور الاستعارية:
”زهرة تسجد ببتلاتها” “العصفور رسولًا” “شجرة جذورها في الطين لكنها تميل إلى الضوء”.
هذه الصور تمنح النص طابعًا كونيًا
يربط بين الأرضي والسمائي.
المضامين الروحية
الحكمة ليست فكرة عقلية بل دمعة صادقة
أي أن مصدرها التجربة الإنسانية المؤلمة.
الفهم يتجاوز اللغة إلى الصمت فيكشف
أن العمق الروحي يُدرك بالبصيرة لا بالكلام.
المشورة تتحوّل إلى فعل محبة وسلوك
لا إلى خارطة أو تعاليم جاهزة.
القوة تُصوَّر في أبهى معانيها:
ثبات وسط الانهيار وليست مادية أو عسكرية.
العلم يعيد الارتباط بالطبيعة ككتاب إلهي مفتوح
وهو أقرب إلى علم الروح والحدس.
التقوى تُقدَّم كحنين سماوي لا كخوف مَرَضي
وهذا تجديد في المفهوم.
مخافة الرب تتحوّل من رهبة إلى دهشة
جمالية عميقة أمام سرّ الوجود.
الدلالات الجمالية
النص يزاوج بين المجاز الديني والتصوير الشعري ليخلق خطابًا كونيًا مفتوحًا على المؤمن وغير المؤمن.
وحدة المواهب في النهاية كـ “ألوان قوس قزح” تمنح النص صورة بصرية باهرة تعكس انسجام التنوع الروحي.
حضور الإيقاع الداخلي واضح في التوازن بين الجُمل القصيرة ذات الفعل المضارع:
”حين صمتَ العالم… حين غاب الكلام… عند مفترق الطرق…” وهو إيقاع يعكس حركة صعودية نحو الكمال الروحي.
خلاصة القراءة
النص رحلة روحية جمالية تتخذ من مواهب الروح القدس ألوانًا رمزية لرسم صورة الإنسان الكامل.
إنه ليس مجرد وصف لفضائل إيمانية
بل تأمل شعري صوفي يجعل من الروح كتابًا مفتوحًا ومن التجربة الإنسانية طريقًا نحو النور.
ألوان الروح القدس
بقلم رانية مرجية
حين صمتَ العالم، تكلّم القلب،
ومن دمعةٍ صغيرة وُلدت الحكمة،
ترى الله في عين يتيمة.
وحين غاب الكلام، أشرق الفهم،
يكشف السرّ في زهرةٍ تسجد ببتلاتها،
ويقرأ في الصمت صلاةً لا تُمحى.
وعند مفترق الطرق، جاءت المشورة،
لم تُرشد بخارطةٍ ولا بحجارة،
بل بقلبٍ يمشي أولًا في الدرب،
ليضيء الطريق للآخرين.
ثم انسكبت القوة،
ليست سيفًا ولا جدارًا،
بل وقوفًا صلبًا وسط الانهيار،
وإيمانًا ينطق “أنا مؤمن”
حتى حين ينزف الجسد.
وجاء العلم،
لا من الكتب ولا من الرفوف،
بل من عينٍ تقرأ العصفور رسولًا،
والنجم طريقًا،
والصمت كتابًا مفتوحًا.
وتجلّت التقوى،
لا كخوفٍ يُرهق الجسد،
بل كحنينٍ دائم للسماء،
كشجرةٍ جذورها في الطين
لكنها تميل إلى الضوء.
وأخيرًا نزلت مخافة الرب،
لا ارتجافًا ولا رهبةً باردة،
بل دهشةً عميقة،
حين يعرف القلب أن كل نَفَسٍ فيه
أمانة من الأبدية.
فاجتمعت المواهب السبعة،
كما تجتمع الألوان في قوس قزح،
وتحوّلت الأرواح إلى مرايا للروح القدس،
تضيء الأرض بسلام،
وترسم وجه الله
على وجوه البشر.
