6:48 مساءً / 5 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

حين يُصبح النقد مرآةً للروح والشعر ، قراءة في دراسة إيمان مصاروة لديوان ” أكون لك سنونوة“ ، بقلم : رانية مرجية

حين يُصبح النقد مرآةً للروح والشعر ، قراءة في دراسة إيمان مصاروة لديوان ” أكون لك سنونوة“ ، بقلم : رانية مرجية

حين يُصبح النقد مرآةً للروح والشعر: قراءة في دراسة إيمان مصاروة لديوان “أكون لك سنونوة” ، بقلم : رانية مرجية

في زمنٍ تُكتب فيه معظم القراءات النقدية بسطحية أو بترفع أكاديميّ جاف، تطلّ علينا الباحثة والناقدة إيمان مصاروة بدراسة أدبية عنوانها “ملامح أدب الحداثة في ديوان أكون لك سنونوة للشاعرة ريتا عودة”، لتمنح المشهد النقدي الفلسطيني والعربي نفحة من دفء وجداني، لا يقل شعريّة عن القصائد التي تناولتها.

لقد تجاوزت إيمان مصاروة حدود النقد المدرسي التقليدي، وقدّمت نصًا لا يُحلّل فقط، بل يُحاور ويُصغي ويُحبّ. جاءت قراءتها غنية بالمراجع، منفتحة على الفكر الحداثي، غير أنها حافظت على صوتها الخاص كأنثى تقرأ أنثى، كروحٍ تتلمس أخرى، لا كقاضٍ يصدر أحكامًا باردة.

عند تناولها رمز “السنونوة”، لم تقع في فخ التفسير الرمزي المبتذل، بل أطلقت الرمز ليتحرّر ويحلّق كما أرادته ريتا عودة: ككائن بين الوطن والمنفى، بين الحرية والقيد، بين الذات والمجموع. وعندما توقفت عند عبارة “كان بإمكاني…” التقطت بإحساسٍ مرهف النداء الأخلاقي المختبئ خلف التمنّي الشعري، لتضيء ما هو أبعد من اللغة: صرخة الإنسان، موقف الأنثى، وجع الفلسطيني.

ومن أجمل ما جاء في هذه القراءة، تلك المقاربة بين أسلوب الشاعرة وتقنيات الحذف والمناوبة الشعرية، وكيف وظّفتها ريتا لا كمجرد زينة بل كوسيلة مقاومة جمالية ومعرفية. كما سلطت الدراسة الضوء على قصائد الهايكو التي أدرجتها ريتا عودة في ديوانها، معتبرةً إياها نفَسًا تأمليًّا يختصر العوالم بكلمات قليلة، لكنها مشحونة بالدهشة.

غير أن لحظة الذروة في النص النقدي – وربما في الديوان نفسه – تجسدت في الوقوف المتأمل عند عبارة ريتا عودة:
“من جوف الحوت أكتب، لا من على شرفة قصر.”


كم من شاعرات وشعراء اليوم يكتبون من فوق شرفات المجاز؟ بينما ريتا تكتب من الأعماق، من حيث الظلمة، من حيث الألم، من حيث الحقيقة.


وإيمان مصاروة لم تكتفِ بأن تنقل هذه العبارة، بل احتضنتها نقديًا وإنسانيًا، وسمحت لها بأن تكون محورًا لقراءتها.

في دراستها هذه، لم تكن مصاروة محايدة، ولا ادّعت ذلك. كانت منحازة للنص، للشاعر، للأنثى، للحقيقة. منحازة لكل ما هو جميل، مؤلم، أصيل. وهو انحياز نادر في زمنٍ باتت فيه القراءات إما مجاملة فارغة أو سيفًا مسمومًا.

باختصار، كتبت إيمان مصاروة نقدًا يليق بريتا عودة. نقدًا لا يقف خارج النص بل يتماهى معه. نقدًا من قلب التجربة، لا من برجٍ عاجي. فكانت الدراسة أشبه بنصٍّ شعريّ موازٍ، أو مرآةٍ تعكس نور السنونوة من زاويةٍ جديدة.

ريتا عودة كتبت لتُحلّق.
وإيمان مصاروة كتبت لنُرافق هذا التحليق وندرك أبعاده.


أما أنا، فأكتب اليوم تقديرًا لهاتين المبدعتين، وللأدب حين يصبح صلةَ روحٍ بروح، لا مجرد كلماتٍ على ورق

  • – رانية مرجية – الرملة ، فلسطين .

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الثلاثاء 5 أغسطس كالتالي : سعر أونصة الذهب عالمياً …