12:37 مساءً / 1 أغسطس، 2025
آخر الاخبار

من المسوّدة إلى المبيّضة ، فلسفة النجاح كما يراها د. بشارة مرجية ، بقلم: رانية مرجية

من المسوّدة إلى المبيّضة: فلسفة النجاح كما يراها د. بشارة مرجية ، بقلم: رانية مرجية

“المسودة هي البداية للتخطيط والسعي، وأما المبيضة فهي النهاية للنجاح والتفوق.”


هكذا لخّص الدكتور بشارة مرجية، بكلماته الموجزة، مسارًا فكريًا وعمليًا متكاملًا يربط بين الفكرة والبذرة الأولى، وبين الثمرة الناضجة في نهاية الطريق.

قد تبدو الجملة في ظاهرها أقرب إلى حكمة أكاديمية أو قاعدة كتابية، لكن حين نتأملها بعمق، نجد فيها فلسفة حياة تكرّس لقيمة العمل الدؤوب، والتخطيط الصبور، والإيمان بأن الجمال والإنجاز لا يولدان مكتملَين، بل يُصنعان عبر مراحل من الشكّ والمراجعة والكدّ.

المسودة: فضاء العشوائية الخلّاقة

في عالم الكتابة والتعليم، تُعدّ المسودة المساحة الأولى التي يُسمح فيها للخطأ أن يتنفس، وللأفكار أن تتنازع، وللموهبة أن تتمرّن.


هي الورقة الأولى التي تستقبلنا دون شروط، ودون خوف من المحو أو التعديل. إنها مساحة الحرية والانطلاق، حيث يُكتب كلّ شيء كما يخطر لا كما يُطلب.

وفي عُرف الدكتور بشارة مرجية، الذي خبر التعليم والتوجيه لسنوات طويلة، المسودة ليست نقصًا ولا ضعفًا، بل هي الشاهد الأول على الجهد والسعي.


إنها مرحلة التأسيس، والبوابة الأولى التي يدخل منها كل من يطمح إلى التميّز، إن في العلم أو في الكتابة أو في الحياة نفسها.

المبيّضة: مرآة النضج والتفوّق

أما المبيضة، فهي ليست مجرد نسخة نظيفة، بل هي الوثيقة التي تعكس ما اجتازته الفكرة من محن، ومراجعات، وتحولات.


هي الوجه الأخير للعمل، لكنها محمّلة بكل ما سبقها من تعب.
فيها يظهر الخط الثابت بعد التردد، والتفكير العميق بعد التخبط، والجمال المتقن بعد التمرين.

وهنا يكمن التفوق الحقيقي كما يراه د. مرجية: ليس في الإسراع إلى النتائج، بل في احترام الطريق بكل ما فيه من مسودات، وتصحيحات، وتأملات.


فالمبيضة إذًا، ليست فقط نجاحًا أكاديميًا، بل نجاحًا نفسيًا وروحيًا، لأنها ثمرة التزامٍ وصبرٍ وصدق.

ما بين البداية والنهاية: مسؤولية المعلّم والمتعلّم

إن هذه الرؤية تُلقي بظلالها على الدور التربوي، وتعيد الاعتبار إلى العملية التعليمية كرحلة، لا كسباق للدرجات.
المعلم الحقيقي، كما يجسّده الدكتور بشارة مرجية، هو من يرى في المسودات بذور التفوّق، لا عيوب الأداء.
والمتعلّم الحقّ هو من لا يهاب الورقة الأولى، ولا يخجل من شطب الجمل وتعديل المسارات، لأنه يدرك أن كل إتقان هو في جوهره مسوّدة قد رُوجعت، ورُبّيت، حتى تفتحت مبيضة ناصعة.

خلاصة القول

بين المسودة والمبيضة لا مسافة زمنية فقط، بل مسافة وجدانية ومعرفية، يُختبر فيها الصبر، وتتكون فيها الشخصية، ويتجلى فيها معدن الإنسان.
وقد أحسن الدكتور بشارة مرجية حين لخّص كل هذا بقوله:

“المسودة هي البداية للتخطيط والسعي، وأما المبيضة فهي النهاية للنجاح والتفوق.”

ليست كلمات عابرة، بل دعوة للتفكّر، لكل من يكتب، أو يعلّم، أو يسعى نحو إنجاز لا يأتي دفعة واحدة، بل يُولد عبر مسودات الروح والعقل

شاهد أيضاً

حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ 98 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني

حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ 98 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني

شفا – عقد الجيش الصيني حفل استقبال في قاعة الشعب الكبرى في بكين يوم الخميس …