
الحل بالحل ، وبعد الحل، ما الحل؟ بقلم : المهندس غسان جابر
في ظل أزمة السيولة النقدية وتراكم الشيكل التي تضرب الأسواق الفلسطينية، وتحديدًا في مدينة الخليل، تتكرر على ألسنة التجار عبارة موجعة لكنها دقيقة: “الحل بالحل… وبعد الحل، ما الحل؟”.
هذه العبارة لا تأتي من فراغ، بل تعكس قناعة عميقة بأن الحل الحقيقي يبدأ بإلغاء القرار أو تعطيله، لكنه لا ينتهي هناك، بل يجب أن يتبعه حل جذري وشامل يعيد التوازن للعلاقة بين المواطن، والتاجر، والمؤسسة المالية.
“الحل بالحل”… لماذا هذه البداية ضرورية؟
قرارات سلطة النقد بتقييد الإيداع النقدي، لا سيما بالشيكل، أصابت الدورة الاقتصادية بالشلل. توقفت عمليات البيع بالجملة، تعطل استيراد السلع، وظهرت أسواق سوداء بديلة.
في هذا السياق، الحل يبدأ ببساطة بحل القرار ذاته: رفع القيود فورًا، وتحرير البنوك من التعليمات المشددة التي جعلت من كل تاجر متهماً، ومن كل عملية إيداع إجراءً أمنياً.
“وبعد الحل، ما الحل؟”… ما بعد إلغاء القرار
إلغاء القرار دون معالجة البنية الاقتصادية أشبه بإزالة الضماد عن جرح لم يُعالج. ما بعد الحل يتطلب من سلطة النقد ما يلي:
- تحسين آلية ترحيل فائض الشيكل إلى الخارج: التأخير المستمر في الترحيل خلق الفائض، وليس التجار.
- تطوير أدوات الدفع الرقمية والتجارية: بدلاً من إجبار التجار على “كسر عاداتهم”، يجب تقديم بدائل موثوقة وسهلة.
- الشفافية في اتخاذ القرارات: لا يجوز أن تكون المصالح التجارية رهينة قرارات تصدر بلا حوار مسبق أو مشاركة من القطاع الخاص.
- ضمان سيولة مرنة وعادلة: لا اقتصاد دون نقد، ولا عدالة مالية حين يعامل النقد الفلسطيني وكأنه تهديد.
نقول : لا نريد كسر الأدوات بل إصلاحها
التاجر الفلسطيني ليس خصماً للنظام المالي، بل شريك رئيسي فيه. وما تطالب به الخليل اليوم هو ما ستطالب به نابلس ورام الله وغزة غداً: نظام مالي عادل، واقعي، يُشرك الناس بدل أن يُقصيهم.
الحل بالحل نعم. لكن بعد الحل، نحتاج إلى حلول تستمر، وتُبنى على التفاهم والشراكة، لا الإملاء والقرارات المفاجئة. فالاقتصاد لا يحتمل التجريب، ولا يصمد طويلاً تحت ضغوط بيروقراطية لا تعترف بأن النقد ليس فقط ورقًا… بل حياة.
- – م. غسان جابر – مهندس و سياسي فلسطيني – قيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية نائب رئيس لجنة تجار باب الزاوية و البلدة القديمة في الخليل.