6:05 مساءً / 15 يوليو، 2025
آخر الاخبار

الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ، ستون عاماً من أجل التحرر الوطني والاجتماعي ، بقلم : منى الخليلي – وزيرة شؤون المرأة

الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ، ستون عاماً من أجل التحرر الوطني والاجتماعي ، بقلم : منى الخليلي – وزيرة شؤون المرأة

في تموز من العام 2025، يمر ستون عاماً على تأسيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، الذي لم يكن مجرد مؤسسة نسوية، بل كان وما يزال صوتاً نضالياً مؤمناً بأن حرية الوطن والمرأة لا ينفصلان. لقد أسسته وتقوده منذ بداياته نساء فلسطينيات صاحبات تاريخ طويل من النضال الوطني والاجتماعي، نساء آمنّ بأن تحرر الشعوب لا يكتمل دون تحرر نسائها، وكرسن أعمارهن للعمل الوطني والمجتمعي، من القواعد الشعبية إلى أروقة السياسة، ومن ساحات اللجوء إلى منصات الأمم المتحدة.


تأسس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في عام 1965 في مدينة القدس، في لحظة مفصلية من تشكل الهوية السياسية الحديثة للشعب الفلسطيني، وفي سياق صعود منظمة التحرير الفلسطينية كإطار جامع للنضال الوطني. وقد كان الاتحاد إحدى القواعد الأساسية في هذا المشروع الوطني، حيث بادر إلى تنظيم طاقات النساء داخل الأرض المحتلة وفي الشتات، وربط نضالهن بحق العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.


منذ نشأته، تبنّى الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية رؤية مزدوجة، جمعت بين هدفين متلازمين: التحرر الوطني من الاحتلال الاستعماري الصهيوني، والتحرر الاجتماعي للمرأة الفلسطينية. وهذه الرؤية لم تكن مجرد شعارات نظرية، بل تحولت إلى برنامج عمل وميدان نضال دام لستة عقود، واكب فيها الاتحاد محطات كبرى من تاريخ شعبنا، من النكبة واللجوء، إلى النكسة والانتفاضات، مروراً بالانقسام السياسي والعدوانات المتكررة على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس. واليوم، وفي ظل عدوان شامل ومستمر منذ أكتوبر 2023، يتأكد من جديد أن نضال المرأة الفلسطينية لا يمكن فصله عن مجمل النضال الوطني التحرري.


ومنذ سبعينيات القرن الماضي، رسخ الاتحاد رؤيته الواضحة بأن التحرر لا يتجزأ؛ فلا معنى للتحرر الوطني إذا بقيت النساء محرومات من حقوقهن السياسية ومقيدات بأدوار تقليدية. من هنا، طور الاتحاد برامجه باتجاه توسيع مشاركة النساء، ومناهضة كافة أشكال التمييز والعنف، وبناء قاعدة نسوية فاعلة في مواقع صنع القرار.


كما سجل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية حضوراً سياسياً دولياً بارزاً، تمثل في مشاركته الفاعلة في عدد من المؤتمرات الدولية والاقليمية رفيعة المستوى، من بينها المؤتمر العالمي الثاني للمرأة في مدينة كوبنهاغن عام 1980، برعاية الأمم المتحدة تحت شعار “المساواة، والتنمية، والسلام”، وبفضل جهود الاتحاد والضغط السياسي والدبلوماسي الذي قاده، تمكن المؤتمر من اعتماد الفقرة الخامسة من برنامج العمل، والتي تضمنت إدانة الصهيونية، بأغلبية 69 صوتاً في سابقة تاريخية هامة واعتبرتها مظهراً من مظاهر جريمة التمييز العنصري ومساوية لها.


وتعزيزاً لهذا الحضور، يشغل الاتحاد اليوم موقع نائب رئيس الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، وكذلك نائب رئيس الاتحاد النسائي العربي العام، ما يعكس مكانته التمثيلية على المستوى الدولي والعربي، ويدل على امتداد صوته وموقعه في القضايا النسوية العالمية.


وعلى مدار سنوات من النضال السياسي والمؤسساتي، نجح الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في تكريس مبدأ الكوتا النسائية، والعمل على أن لا تقل نسبة مشاركة النساء عن 30% في المجلس الوطني الفلسطيني، والمجلس المركزي، وكافة مؤسسات ودوائر منظمة التحرير الفلسطينية.


هذا التقدم ثمرة مسيرة نضالية طويلة خاضتها النساء الفلسطينيات داخل وخارج الوطن، لإثبات حقهن في التمثيل، وصناعة القرار، والشراكة الوطنية الكاملة.


كما ساهم الاتحاد في الدفع نحو إقرار قوانين تحمي النساء والفتيات، وتعزز من فرص وصولهن إلى العدالة، والتمكين الاقتصادي، والسياسي، والقانوني.


وفي هذا السياق، يعد إصدار وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية عام 1993 محطة نضالية هامة في مسيرة الاتحاد العام اللمرأة، حيث أطلق بمبادرة منه وبالتعاون مع مؤسسات نسوية وقانونية فاعلة، هذه الوثيقة التي أكدت على ضرورة إجراء تعديلات تشريعية تضمن المساواة الكاملة بين الجنسين في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولقد شكلت هذه الوثيقة لحظة أساسية في مسيرة الحقوق النسوية الفلسطينية، إذ وضعت إطارا تشريعيا متكاملا، تستند إليه جهود النهوض بقضايا المرأة، وتبنى عليه السياسات والتشريعات اللاحقة.


في ظل العدوان المتواصل، ولا سيما في قطاع غزة، تواصل النساء الفلسطينيات مواجهة أعتى أشكال الانتهاكات، من القتل المباشر في الغارات (حيث تشكل النساء والأطفال 70% من الضحايا المدنيين)، إلى فقدان المأوى والخدمات الأساسية والرعاية الصحية، وصولاً إلى العنف الجنسي وتهديدات الاحتلال بحق الأسيرات.


وبعد ستين عاماً من التأسيس، لا يزال التحدي الأكبر أمام المرأة الفلسطينية هو استمرار الاحتلال، بكل أشكاله وممارساته. لكن الرهان باقٍ على النساء، وعلى الاتحاد، قلب المشروع التحرري، الذي لا يزال يناضل، ويوثق، ويبني، ويكتب قصة الصمود الفلسطيني بوجه آخر استعمار على وجه الأرض.


لقد كان الاتحاد على مدى هذه العقود سنداً للمرأة الفلسطينية في كل محطة، من ساحات النضال إلى بناء المؤسسات، ومن التعليم إلى الاقتصاد، ومن النضال السياسي إلى التمثيل الدولي. واليوم، ونحن نحيي هذه الذكرى، نجدد التزامنا بالعمل جنباً إلى جنب مع الاتحاد العام لأجـل مواصلة الطريق، وتعزيز دور المرأة في كل المجالات، لأن تحرير المرأة ليس خياراً، بل ضرورة وطنية، وجزء لا يتجزأ من تحرير الوطن.


وفي سياق هذا النضال الطويل، لا بد من التأكيد على إيمـــان القيــادة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية بالدور المحوري للمرأة، وانفتاحها المطلق على شؤونها وقضاياها المطلبية. وهو الدور الذي يستمد شرعيته من هذه القاعدة الجماهيرية الواسعة التي ينطلق فيها الاتحاد من منظمة التحرير الفلسطينية. كما ونؤكد على أن وزارة شؤون المرأة والاتحاد العام للمرأة شريكان أصيلان في هذه المسيرة الممتدة. وبأنّ العلاقة بين الوزارة والاتحاد تقوم على تكامل الأدوار وتقاطع الرؤى، من أجل دعم قضايا المرأة الفلسطينية في كافة المحافل، ومن أجل تحقيق أهداف التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية معاً. تعمل الوزارة بالشراكة مع الاتحاد والمراكز والمؤسسات النسوية، لصياغة السياسات، والدفاع عن الحقوق، وتطوير البرامج الوطنية الموجهة للنساء، بما يعزز من مكانتهن، ويحميهن من التهميش والتهميش المضاعف في ظل الاحتلال. لذلك، ندعو كافة المؤسسات الرسمية والشعبية، الأهلية، والمنظمات الدولية والاقليمية إلى دعم جهود الاتحاد العام للمرأة، وفتح الأفق أمام طاقات النساء الفلسطينيات، لبناء مجتمع عادل وقوي وقادر على الصمود في وجه المحن.

المجد والخلود للشهيدات والشهداء
الحرية للأسيرات والأسرى البواسل
الشفاء للجريحات والجرحى
معاً وسويّاً من أجل إنهاء الاحتلال
نحو تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس

  • منى الخليلي – وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية .

شاهد أيضاً

محافظ بيت لحم محمد أبو عليا يشيد ببرامج التدريب الصينية ودورها في تطوير وتنمية المجتمع وقطاع الخدمات

شفا – أشاد عطوفة محافظ بيت لحم، السيد محمد أبو عليا، بالدور البارز الذي تضطلع …