1:25 صباحًا / 16 يوليو، 2025
آخر الاخبار

نظرة من الداخل ، المتوحدون وذوو الإعاقات الذهنية التطورية ، كيف ننهض بهم؟ بقلم: رانية مرجية

نظرة من الداخل: المتوحدون وذوو الإعاقات الذهنية التطورية… كيف ننهض بهم؟ بقلم: رانية مرجية

حين نحدّق في عيون طفل متوحد أو شاب يعاني من إعاقة ذهنية تطورية، نحن لا ننظر فقط إلى شخص مختلف، بل إلى كونٍ كامل من المشاعر والاحتياجات والقدرات التي تنتظر من يراها بصدق واحتواء. ليسوا غرباء عنا، بل هم جزء منّا، من نسيج مجتمعنا، من قلوبنا التي ربما فقدت البوصلة في زحمة الحياة.

الطفل المتوحد لا ينقصه الذكاء كما يظن البعض، بل هو يرى العالم بطريقة مختلفة، أكثر دقة، أكثر عمقًا، لكنّها بلا صوت مسموع. وذو الإعاقة الذهنية ليس عاجزًا عن الحب أو الإبداع، بل يحتاج فقط إلى مساحة آمنة، وقلوب تؤمن بإمكاناته لا بنقائصه.

المجتمع، في كثير من الأحيان، لا يرحم. نُقصي المختلف، نخاف مما لا نفهم، ونلصق المسميات بجهل أو استخفاف. لكن الحقيقة المؤلمة أن التهميش لا يُصيب فقط هؤلاء الأطفال والبالغين، بل يصيبنا نحن، حين نغفل عن مسؤوليتنا الإنسانية، والتربوية، والأخلاقية تجاههم.

نحتاج إلى ثورة وعي، تبدأ من البيت وتصل إلى المدرسة، وتمر عبر الإعلام، وتنتهي بتشريعات وقوانين تحفظ كرامتهم وتضمن دمجهم الكامل في الحياة اليومية. لا يكفي أن نخصص يوماً عالمياً للتوعية، ولا أن نبني مراكز متخصصة ونتركها تئنّ من نقص الموارد والكوادر المؤهلة. ما نحتاجه هو إرادة حقيقية للنهوض بهؤلاء الأفراد، من خلال:

التعليم الدامج: لا تعليم فعّال دون احتواء، ودون مناهج تراعي الفروق الفردية، وتدريب حقيقي للمعلمين على كيفية التعامل مع ذوي الإعاقات.


الإعلام الواعي: صورة الإنسان المتوحد أو ذو الإعاقة يجب أن تكون حقيقية، بعيدة عن الشفقة أو الاستغلال، بل مليئة بالقصص الملهمة التي نراها يوميًا ولا نمنحها فرصة الظهور.


التمكين المهني والاجتماعي: هم قادرون على العمل، الإنتاج، والإبداع، إذا أُتيحت لهم الفرص الحقيقية في بيئات تفهمهم، وتحتضنهم دون تصنيف أو تقليل.


هم لا يحتاجون لشفقة، بل لعدالة. لا ينتظرون فضلنا، بل حقوقهم. لا يبحثون عن نظرات استعطاف، بل عن من ينظر إليهم كما هم: بشر، بكل ما فيهم من اختلاف وجمال.

نعم، قد تكون الرحلة صعبة، مليئة بالتحديات، لكن أجمل ما فيها أن من يسير فيها لا يعود كما كان. من يقترب من المتوحدين وذوي الإعاقات الذهنية، يكتشف الحياة من زاوية أنقى، وأصدق.

لنعِد النظر في مرآة إنسانيتنا، ولنجعل قلوبنا أكثر شمولًا. فهم لا يريدون سوى أن نراهم حقًا.

شاهد أيضاً

رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو الصين وأستراليا لخلق تضافر أقوى من أجل التنمية

رئيس مجلس الدولة الصيني يدعو الصين وأستراليا لخلق تضافر أقوى من أجل التنمية

شفا – دعا رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ ، الصين وأستراليا إلى تقوية التعاون …