
محاولة عزل أيمن عودة: فشلٌ عنصري ورسالة ترهيب لفلسطينيي الداخل ، بقلم : الصحفي سامح الجدي
في سابقة جديدة من مسلسل الملاحقة السياسية لفلسطينيي الداخل المحتل، حاولت حكومة الاحتلال عزل النائب أيمن عودة من الكنيست في خطوة تكشف حجم الفاشية والعنصرية المتغلغلة في المؤسسة الإسرائيلية، لا سيما في عهد حكومة يمينية متطرفة يرأسها بنيامين نتنياهو، أحد أكثر القادة دمويّة في التاريخ المعاصر، والمسؤول المباشر عن المجازر المتتالية بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس.
فشل هذه المحاولة لم يكن دليلًا على عدالة داخل النظام السياسي الإسرائيلي، بقدر ما كان ثمرة نضال جماهيري ورفضٍ فلسطيني واسع لهذا الاستهداف العلني لصوتٍ وطنيّ يمثل الضمير الحي لفلسطينيي الداخل. أيمن عودة، الذي ظلّ صوته جهورًا في الكنيست دفاعًا عن حقوق العرب، ورافعًا لشعار الوحدة والعدالة، أصبح هدفًا معلنًا لحكومة لا تتحمّل حتى مجرّد وجود فلسطيني في برلمانها، مهما كانت أدواته سلمية ومدنيّة.
ما جرى ليس سوى محاولة جديدة لترهيب المجتمع الفلسطيني في الداخل، وتوجيه رسالة واضحة بأن مَن يرفع صوته أو يدافع عن حقوق شعبه، سيكون مصيره الإقصاء والتهميش وحتى الطرد. إنها سياسة كمّ الأفواه، ومحاولة صريحة لإعادة تشكيل الواقع السياسي بما يتناسب مع نزعات التفوق اليهودي، وطمس أي هوية وطنية لفلسطينيي الداخل.
لكن، هذا الفشل يُمثّل كذلك فرصة. فرصة لإعادة تقييم الواقع السياسي لفلسطينيي الداخل، وتأكيد الضرورة العاجلة للتوحد في وجه هذه الحكومة العنصرية. فالانقسام وتشرذم الصف الوطني داخل أراضي 48، هو الثغرة التي يتسلل منها الاحتلال وأدواته للبطش بالأفراد، ثم بالجماعات.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، على فلسطينيي الداخل أن يدركوا أن معركتهم لم تعد معركة “حقوق مدنية” داخل دولة ديمقراطية مزعومة، بل معركة بقاء وكرامة في وجه دولة تُجرّم الوجود الفلسطيني نفسه. وكل صوت يُقصى، وكل زعيم يُلاحق، هو ناقوس خطر للجميع.
أيمن عودة لم يكن الهدف الوحيد، ولن يكون الأخير إن سكتنا. لذا، آن الأوان لتوحيد الخطاب والصف، وبناء مشروع وطني جامع يعبّر عن تطلعات هذا الشعب، ويقف سدًّا منيعًا في وجه سياسات الإقصاء والتمييز، ويُفشل كل محاولات الترهيب والتفكيك.
فلتكن محاولة عزل عودة جرس إنذار لا ينطفئ.