
إدارة الكفاءات تحت الاحتلال: تجربة محافظة سلفيت نموذجًا للصمود الإداري في أوقات الأزمات ، بقلم: د. عمر السلخي
في أماكن أخرى من العالم، تُبنى إدارة الكفاءات على أسس استقرار مؤسسي وتخطيط طويل الأمد.
أما في فلسطين، وتحديدًا في محافظة سلفيت المحاصَرة بالمستوطنات والإغلاقات، فإن إدارة الكفاءات البشرية أشبه بفن الطوارئ اليومي، حيث المطلوب هو إبقاء المؤسسة على قيد الحياة، وتأمين استمرار الخدمة العامة في وجه الاحتلال.
الكفاءات في محافظة سلفيت: رأس المال المُستهدف
محافظة سلفيت تضم نخبة من الكفاءات الإدارية والمهنية، لكن هذه الطاقات:
تُقيَّد حركتها يوميًا بسبب الحواجز والطرق المغلقة.
تُستنزف نفسيًا بسبب تكرار الاعتداءات والمواجهات حول محيط المستوطنات.
تُهمَّش إداريًا أحيانًا نتيجة ضعف السياسات التي تراعي خصوصية الجغرافيا والميدان.
في هذه البيئة، فإن الحفاظ على الكفاءة لا يعني فقط توفير راتب… بل خلق بيئة تُمكّن الموظف من الصمود والإنجاز رغم كل المعيقات.
التحديات الميدانية لإدارة الكفاءات في محافظة سلفيت
نقص المرونة الإدارية في التعامل مع تغيّب الكادر بفعل الإغلاق القسري.
غياب الحوافز النفسية والمادية للموظف الذي يعمل في مناطق تماس دائمة.
عدم ربط الأداء الوظيفي بالسياق الأمني المحيط، مما يخلق فجوة في التقييم.
استراتيجيات فعّالة لإدارة الكفاءات في مناطق الاغلاقات والطواريء.
- التمييز الإيجابي للمواقع الخطرة
منح حوافز إضافية للكفاءات التي تعمل في مناطق مغلقة أو مهددة استيطانيًا.
احتساب مدة العمل في المواقع الساخنة ضمن الترقية والتقييم.
- تدريب الكادر المحلي على مهام متعددة
بحيث يكون الموظف في مواقع موزعه جغرافيا في المحافظة قادرًا على إدارة أكثر من ملف، في حال تعذر وصول الكادر من المواقع الاخرى.
- اعتماد خطط بديلة للدوام والإنجاز
مثل “الدوام المرن”، “العمل عن بعد”، أو “دوام الطوارئ” مع صلاحيات محددة.
- بناء قاعدة بيانات ديناميكية للكفاءات المحلية
تسهل عملية توزيع المهام بسرعة وقت الأزمات.
تتيح الاستفادة من الخبرات القريبة جغرافيًا من مواقع الاحتياج.
نموذج تطبيقي: ما فعلته بعض المؤسسات في محافظة سلفيت
مجلس ادارة النفايات الصلبة وضع اليات خاصه للتخلص من النفايات في ظل مصادرة سيارات النفايات والتضييق على المكبات الخاصه بالمجالس البلدية والقروية.
البلديات في محافظة سلفيت استخدمت آليات تنسيق بين الطواقم الفنية لتوزيع المهام وفق القدرة على الوصول.
مديرية التربية والتعليم والمدارس استخدمت أدوات رقمية للتواصل بين المعلمين والطلبة وقت الإغلاقات.
هذه التجارب رغم بساطتها، أظهرت أن الكفاءة لا تعني فقط المهارة، بل القدرة على العمل في قلب المعاناة.
توصيات للمرحلة المقبلة
إدراج “إدارة الكفاءات في ظل الاحتلال” كجزء من سياسات الموارد البشرية الحكومية.
ربط الحوافز والتطوير الوظيفي بطبيعة الموقع الأمني والميداني.
تطوير برامج دعم نفسي للموظفين العاملين تحت الضغط المتكرر.
تعزيز الشراكة بين المحافظات والوزارات في إدارة الكوادر محليًا وقت الطوارئ.
إدارة الكفاءات تحت الاحتلال ليست فقط مهمة إدارية، بل ضرورة وطنية.
وفي محافظة سلفيت، تتحول كل مهارة إدارية وكل موظف ثابت في موقعه إلى ركيزة من ركائز الصمود الجماعي.
فالمعركة ليست فقط على الأرض… بل على الحفاظ على الإنسان القادر أن يخدمها رغم الحصار.