2:57 مساءً / 1 يوليو، 2025
آخر الاخبار

الإدارة العامة في حالات الطوارئ ،محافظة سلفيت نموذجًا للصمود المؤسسي ، بقلم: د. عمر السلخي

عمر السلخي

الإدارة العامة في حالات الطوارئ: محافظة سلفيت نموذجًا للصمود المؤسسي ، بقلم: د. عمر السلخي

بين الاستهداف والاستعداد: محافظة سلفيت في قلب الأزمة


في كل خريطة طوارئ، هناك نقطة حرجة تصبح معيارًا لاختبار كفاءة الدولة، ومحافظة سلفيت كانت دائمًا إحدى هذه النقاط. محافظة صغيرة من حيث المساحة والسكان، لكنها كبيرة في حجم الاستهداف الاستيطاني والحصار الجغرافي والإغلاقات العسكرية. ورغم كل ذلك، أثبتت المحافظة أن الإدارة العامة في حالات الطوارئ ليست فقط بروتوكولات مكتوبة، بل قدرة على التكيّف، ومرونة في اتخاذ القرار، وثقافة مؤسسية تنبع من واقع الميدان.

في الأزمات، تتكشّف الفجوات، وتتراجع الفرضيات النظرية أمام تحديات الواقع. وسلفيت، بتجربتها خلال الأزمات المتتالية – من جائحة كورونا، إلى العدوانات المتكررة، إلى التراجع الاقتصادي والاغلاقات – تقدم نموذجًا يُمكن البناء عليه في فهم إدارة الطوارئ في السياق الفلسطيني الخاص، حيث تتداخل الكوارث الطبيعية مع الاستعمار اليومي.

إشكاليات البنية ومحدودية الصلاحيات


رغم الجهود المبذولة، تواجه الإدارة العامة في محافظة سلفيت مجموعة من التحديات البنيوية في أوقات الطوارئ. أبرزها يتمثل في المركزية الشديدة في اتخاذ القرار، حيث تبقى صلاحيات المؤسسات المحلية محدودة أمام التعقيدات الميدانية. تنتظر المؤسسات التوجيه من المستوى المركزي، ما يؤخر الاستجابة ويضعف المرونة.

كما أن نقص الموارد البشرية واللوجستية يُعيق قدرة الطواقم على التحرك الفوري، خاصة في المناطق المصنفة (ج) وفي واقع الاغلاقات بالبوابات الحديدية التي وصل عددها في المحافظة الى 27 بوابة حولت البلدات الى معازل وسجون كبيره.

نقاط قوة محلية تستحق التقدير


رغم التحديات، تميّزت محافظة سلفيت بتفعيل اللجان الميدانية المشتركة في أوقات الأزمات، والتي تجمع بين مؤسسات رسمية وأجهزة أمنية ومجالس بلدية ولجان طوارئ أهليةوفصائل العمل الوطني وبحضور ملفت لحركة فتح . وقد أثبت هذا النموذج نجاحًا نسبيًا في الاستجابة المحلية، خاصة خلال فترات الإغلاق الكامل أو الاقتحامات ومنع التجول كما حدث في بروقين وكفرالديك.

كذلك، أظهرت محافظة سلفيت قدرة على توظيف رأس المال الاجتماعي في إدارة الأزمات، من خلال تفعيل شبكات الدعم المجتمعي، والتنسيق مع المبادرات الشبابية، والتواصل المباشر مع الجمهور عبر وسائل الإعلام المحلي وصفحات البلديات.

نحو إدارة طوارئ فلسطينية أكثر استقلالية


ما تحتاجه محافظة سلفيت – وغيرها من المحافظات الهشّة – هو إعادة تعريف مفهوم إدارة الطوارئ ليشمل البُعد السياسي والاقتصادي، وليس فقط البعد الصحي أو البيئي. فالأزمات في فلسطين ليست محايدة، وهي لا تنشأ من الطبيعة فقط، بل من سياسة احتلال ممنهجة تقطع الطرق، وتمنع الخدمات، وتستنزف موارد الدولة.

ولذلك، من الضروري بناء نموذج إدارة طوارئ فلسطيني قائم على:

تفويض الصلاحيات بشكل أوسع للمحافظات.

تطوير خطط محلية للطوارئ تستند إلى سيناريوهات واقعية.

بناء وحدات استجابة سريعة على مستوى كل مجلس محلي.

دمج المجتمع المدني والمتطوعين ضمن فرق الطوارئ.

توفير دعم لوجستي دائم للمحافظات المهددة كجبهة أولى.

محافظة سلفيت… حالة طوارئ دائمة تستحق خطة دائمة


محافظة سلفيت ليست استثناءً، بل تمثيل مكثّف لواقع فلسطيني معقّد يعيش تحت الاستهداف والضغط اليومي. وبالتالي، فإن نجاحها في إدارة الطوارئ رغم محدودية الأدوات هو دليل على أن الإرادة المؤسسية والشراكة المجتمعية يمكن أن تعوّض عن غياب الموارد.

لكن لا يمكن لهذا الصمود أن يستمر على عفويته. ما تحتاجه محافظة سلفيت هو خطة دائمة للطوارئ، تربط بين الاستجابة الفورية وبناء القدرة المؤسسية، وتضع الإنسان في مركز الاهتمام لا كعنصر مُنفّذ فقط، بل كجزء فاعل في صناعة القرار والتعافي.

في بيئة هشّة كالتي تعيشها فلسطين، لا تُقاس كفاءة الدولة بعدد خطط الطوارئ المكتوبة، بل بقدرتها على الاستجابة في الميدان، والتكيف مع المتغيرات، وتحويل المحنة إلى فرصة للتنظيم والتطوير. ومحافظة سلفيت، بما فيها من تحديات، تقدم لنا درسًا مهمًا في كيف يمكن للإدارة العامة أن تكون سلاحًا في معركة الصمود.

شاهد أيضاً

محافظ سلفيت طقاطقة يلتقي قائد القوات في رام الله

محافظ سلفيت طقاطقة يلتقي قائد القوات في رام الله

شفا – التقى محافظ محافظة سلفيت مصطفى طقاطقة، يرافقه امين سر حركة فتح اقليم سلفيت …