
شفا – تتابع الجبهة العربية الفلسطينية ببالغ القلق والتنديد ما تشهده غزة من فصول متواصلة لحرب الابادة التي ينفذها الاحتلال الاسرائيلي، والتي لم تعد مقتصرة على آلة القتل المباشر والقصف الجوي والمدفعي العشوائي فحسب، بل باتت تتخذ اشكالا متعددة من الابادة الجماعية الممنهجة، في مقدمتها الحصار الشامل والتجويع المتعمد ومنع الغذاء والدواء، واستهداف البنية الصحية المدمرة اصلا، وفتح الباب واسعا امام تفشي الاوبئة في ظل غياب اي مقومات للوقاية والعلاج.
ان ما حذر منه اليوم مستشفى الرنتيسي للاطفال من تسجيل مئات الاصابات بمرض التهاب السحايا، ليس حدثا طارئا، بل نتيجة مباشرة لانهيار المنظومة الصحية في القطاع، بفعل القصف المستمر على المستشفيات، ونفاد الادوية والمضادات الحيوية، وتعطيل محطات المياه والصرف الصحي، ومنع ادخال المواد الطبية والمستلزمات الاساسية. فالجريمة لا تقتصر على استخدام القنابل والرصاص، بل تمتد الى استخدام الجوع والمرض والوباء كوسائل للقتل البطيء، وهي ادوات تندرج تحت تعريف الابادة في القانون الدولي والانساني.
ان الاحتلال، بدعم مباشر من الادارة الاميركية، يمضي في تحويل مراكز توزيع المساعدات الى مصائد موت، ويجعل من قوافل الغذاء ادوات للابتزاز السياسي والاستثمار الدموي، حيث لا تمر ايام دون مجازر جديدة تطال الجائعين وهم يصطفون بحثا عن لقمة تسد رمقهم. وفي الوقت ذاته، يمنع دخول المساعدات المنقذة للحياة، وتستهدف المرافق الطبية بشكل ممنهج، في اطار سياسة تهدف الى تفكيك مقومات الحياة بالكامل، ودفع السكان نحو الموت او التهجير.
امام هذه الجرائم المتواصلة، تؤكد الجبهة العربية الفلسطينية ان ما يجري في غزة ليس فقط عدوانا، بل جريمة تاريخية تنفذ على مرأى ومسمع من العالم، الذي يواصل عجزه وتواطؤه بالصمت، ويمنح الاحتلال غطاء للإفلات من العقاب. وتطالب الجبهة المجتمع الدولي وهيئاته المعنية، وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية ومحكمة العدل الدولية، بالتحرك العاجل والفاعل لوقف هذه الجرائم، وفتح تحقيق دولي شفاف في استخدام المرض والحصار كادوات ابادة جماعية.
كما تدعو الجبهة الى تحرك عربي واسلامي واسع يرقى الى مستوى الخطر الوجودي الذي يهدد اكثر من مليوني انسان في القطاع، ويضع حدا لهذا الصمت المخزي، ويؤسس لخطة طوارئ عربية عاجلة لاغاثة القطاع وتوفير المستلزمات الصحية والانسانية، ووقف نزيف الدم والجوع والوباء.
ان استمرار هذه السياسات الاجرامية بحق ابناء شعبنا في غزة هو وصمة عار على جبين الانسانية، ولن تنكسر ارادة الفلسطينيين، بل سيزدادون صمودا وايمانا بحقهم في الحياة والحرية والدولة المستقلة، ولن يكون هذا الظلام سوى مقدمة لفجر قادم يصنعه شعبنا بصموده.