7:57 مساءً / 9 مايو، 2025
آخر الاخبار

بعد 80 عاماً من الأنتصار على النازية ، شعبنا بإرادته وإتقان شروط المواجهة سينتصر أيضاً ، بقلم : مروان إميل طوباسي

بعد 80 عاماً من الأنتصار على النازية ، شعبنا بإرادته وإتقان شروط المواجهة سينتصر أيضاً ، بقلم : مروان إميل طوباسي

بعد 80 عاماً من الأنتصار على النازية ، شعبنا بإرادته وإتقان شروط المواجهة سينتصر أيضاً ، بقلم : مروان إميل طوباسي

تحل على البشرية اليوم التاسع من أيار ، الذكرى الثمانون للأنتصار على النازية ، التي دفعت الشعوب الأوروبية وحركات مقاومتها الوطنية ثمناً باهظاً من أرواح أبنائها ومقدراتها لدفن ذلك الوحش النازي الذي أطل برأسه قبل أكثر من ثمانين عاماً ، معلناً عداءه للشعوب وحقوقها ولعجلة تطورها الطبيعي . اليوم مشاركة فرق عسكرية رمزية من دول مختلفة بما فيها الصين ومصر وغيرها من دول الشرق باستعراض يوم النصر بالساحة الحمراء بموسكو هو مؤشر على اتساع علاقات الأتحاد الروسي ، والدور المتنامي لتلك الدول في مواجهة هيمنة الولايات المتحدة والنظام الدولي أحادي القطب ، نحو عالم متعدد الأقطاب يكون اكثر عدالة .

من الدروس العميقة لهذا الأنتصار الذي حققه الجيش الأحمر بدخوله برلين عام ١٩٤٥ ، يبرز إدراك حقيقة لا تقبل الجدل وهي أن تحديد مصير العالم في المرحلة المعاصرة لتطور البشرية هو مسؤولية مشتركة وجماعية لا تتجزأ .

اليوم ، تتحمل جميع الشعوب مسؤولية تاريخية تجاه الأجيال القادمة، للحفاظ على نظام دولي متوازن ، قائم على المبادئ والقيم التي كرسها ذلك الأنتصار من ، الحرية ، الديمقراطية ، العدالة ، حق الشعوب في تقرير مصيرها والمسار المستقل لتطورها . وهي قيم تتطلب تعزيز الثقة المتبادلة والتضامن والمساواة بين الشعوب ، والبحث عن مستقبل مشترك للبشرية يقوم على مناهضة الأستعمار والعنصرية والفوقية العرقية أو الدينية، والسعي إلى تعزيز الأمن والسِلم الدوليين والتقدم الإجتماعي والإقتصادي المشترك .

غير أن هذه القيم ، وبالرغم من تأصيلها التاريخي ، تعرّضت لتشويه وتراجع ، على يد قوى كبرى في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ، التي صادرت مضامينها وأعادت إنتاج الحروب بوجوه متعددة في مختلف مناطق العالم . فقد شكل تحالفها مع بقايا النازية الجديدة وشراكتها الكاملة مع دولة المشروع الأستيطاني الإحلالي الذي أنشأته بالشراكة مع بريطانيا ، دليلاً دامغا على هذا التراجع خصوصا في ظل استهدافها الممنهج اليوم لشعبنا الفلسطيني ومشروعه الوطني في التحرر والأستقلال .

اليوم ، القيم التي كان يُفترض أن تكون الركيزة الأخلاقية والسياسية للنظام العالمي المعاصر ، تُنتهك على يد من يفترض أنهم حماتها . وبدلاً من رفض أيديولوجيات النازية والفاشية وكل النظريات المعادية للإنسانية ، نشهد تصاعداً في تغول الفكر النيوليبرالي ، وتحالفه مع الحركة الصهيونية ، التي سبق أن أدانتها الجمعية العامة للأمم المتحدة واعتبرتها شكلاً من أشكال العنصرية قبل أن تتراجع تحت ضغط متغيرات دولية في حينه .

ما تقوم به اليوم الولايات المتحدة وبريطانيا وقوى اليمين الشعبوي في أوروبا ، وتحالفهم مع دولة الأحتلال الإسرائيلي ، يعبر عن ارتداد كامل عن نتائج الحرب العالمية الثانية . إذ تستند هذه القوى إلى مرتكزات فكرية تعبر عن روح نازية وفاشية جديدة ، قائمة على الأستيطان والعنصرية والفوقية والتطرف القومي الديني ، تساندها قوى رأسمالية صهيونية مسيحية بالولايات المتحدة وأوروبا ، تسعى لإعادة إنتاج ما حاولت تحقيقه النازية الألمانية والإيطالية وحلفاؤها من اضطهاد للشعوب الأخرى .

واليوم ، تتجلى تلك السياسات بوضوح في ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من محرقة وإبادة جماعية وتطهير عرقي وتجويع وتهجير قسري . ومن بين الأدوات الجديدة لذلك ، يأتي الحديث الأمريكي الزائف والمتكرر عن “حلول إنسانية” لغزة ما بعد الحرب ، متجاهلاً بشكل كامل الحقوق السياسية والوطنية الفلسطينية . ويوازي هذا الحديث ضغط أمريكي متواصل على كل من الأردن ومصر لفتح أبواب التهجير إليهما ، في محاولة لفرض نكبة مستمرة على شعبنا الفلسطيني وتجريدهم من حقوقهم الوطنية السياسية ، عبر تحويل غزة إلى مكان غير قابل للحياة ، تمهيدا لفرض حلول إقليمية تطيح بالثوابت .

كل ذلك يحدث ضمن سياسات متخبطة ومخادعة من واشنطن ، تستند إلى دعم غير مشروط لدولة الأحتلال ، ليس فقط بذريعة “أمن إسرائيل”، بل لضمان دورها الوظيفي كموقع متقدم لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة رغم الخلافات اللحظية التي يتحدث عنها ترامب اليوم حول قطع إتصالاته مع نتنياهو ، لحماية مشروعهم المشترك الذي نشأ بتحالفات عقائدية واستعمارية قديمة . هذا المشروع تأسس على تجاهل متعمّد لحل “المسألة اليهودية” في أوروبا، واستخدام “الوعد الديني” كغطاء لمخطط أستعماري أستيطاني في أرض فلسطين ، فزيارة السفير الأمريكي لدى إسرائيل لاحدى المستوطنات يوم أمس لرؤية “البقرات الحمراء” هو مؤشر ودليل على هذا التماهي .

ورغم مرور ثمانية عقود ، فإن قوى الهيمنة العالمية لا تزال تمارس سياسات فرض الأمر الواقع ، للحفاظ على نظام أحادي القطب ، يقوض إمكانات بناء نظام دولي تعددي عادل . وتسهم مشاركة هذه القوى في جرائم الأحتلال، أو صمتها ، في تكريس إسرائيل كنظام مارق فوق القانون الدولي ، وتأكيد ازدواجية المعايير التي تكيل بها القضايا أمام المجتمع الدولي .

إن دروس الأنتصار على النازية ، الذي كلف شعوب الأتحاد السوفييتي وحدها آنذاك نحو ثلاثين مليون شهيد ، فضلاً عن ملايين الضحايا من شعوب العالم وخاصة الأوروبية ، تؤكد ضرورة وقف الحروب المباشرة أو بالوكالة ضد الشعوب المستضعفة . وتُحتم على البشرية الوقوف ضد سلطة رأس المال السياسي المتوحش ، ورفض صناعة أسلحة الدمار الشامل والعمل على إزالة بؤر التوتر وتعزيز قوى السلم والتقدم ومنظمات العدالة ، ومبادئ المساواة والحريات والكرامة الإنسانية ، بدلاً من اضطهاد الشعوب وممارسة القهر والأحتلال والعنصرية .

الا أن الأيام القادمة لن تكون كالسابق ، فالتاريخ لا يعرف السكون ، وشعوب الأرض مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بالنضال من أجل انتصار القيم الإنسانية ، وبناء عالم جديد أفضل وخير دليل على ذلك هو تصاعد حركات التضامن مع شعبنا في مختلف شوارع العالم . وإن من أهم دروس الأنتصار على النازية بعد ثمانين عاماً ، أن لا قوة مهما بلغت جبروتها تستطيع كسر إرادة الشعوب وحقوقها العادلة . وشعبنا الفلسطيني بإدراكه للرؤية وتوحيد قواه وإرادته السياسية الحُرة والمستقلة قادر على الأنتصار .


وكما قال شاعرنا الراحل محمود درويش ،”كل نهر ، وله نبع ومجرى وحياة يا صديقي … أرضنا ليست بعاقر ، فكل أرض ولها ميلادها ، ولكل فجر وله موعد ثائر .”

شاهد أيضاً

نور البيطاوي

الاحتلال يعلن اغتيال المطلوب الأول في الضفة الغربية نور البيطاوي

شفا – أعلن الجيش الإسرائيلي والشاباك اغتيال نور البيتاوي، أحد أبرز المطلوبين في الضفة الغربية …