8:24 صباحًا / 29 مارس، 2024
آخر الاخبار

وكالة الغوث ….أغيثينا بقلم : منار حربية

وكالة الغوث ….أغيثينا بقلم : منار حربية

وكالة الغوث ….أغيثينا بقلم : منار حربية

المخيمات تموت، واللاجئ الفلسطيني يلفظ أنفاسه الأخيرة قبل أن تطوى صفحته إلى الأبد.
لم أجد أعمق من هذه الكلمات للتعبير عن الوضع المأساوي الذي حل بنا منذ أكثر من سبعين يوماً; بسبب امتناع إدارة الغوث الدولية عن الاستجابة لمطالب العاملين المضربين لديها والمتمثلة بالحصول على الحد الأدنى من الحقوق.
فأنت إن زرتَ المخيم ، ستخبرك كل زاوية فيه عن الحال الذي وصل إليه بعد توقف خدمات وكالة الغوث الدولية لأكثر من سبعين يوماً. ستجد الشوارع مكسوة بأكوام النفايات في كل جانب منها. ستبتئس وتشمئز وقد تلتقط صوراً تذكارية لنشجب ونستنكر على مواقع التواصل الاجتماعي، ونخبر العالم النائم أن اللاجئ الفلسطيني قد تندثر هويته في أي وقت. وليصبح اسم المخيم ضمن الأرشيف الفلسطيني لا أكثر. واذا تمعنت في المباني الصحية ستخبرك أبوابها أنها فارغة إلا من صبرها. لا موظف هناك يسعف مريضاً ولا مريضاً يشكو نقصا ً حاداً في الضغط والأدوية ! وقد تتوهم لبرهة أننا بأتم الصحة والعافية ولا حاجة لنا للعلاج أو زيارة العيادات ! وعلى أطراف المخيم الحبيب ستلتقي بشواهد أخرى على عمق الكارثة التي حلت بنا. حيث لا مدارسَ تفتح أبوابها لأطفالنا ولا فوضى الصباح حيث تعج الشوارع بأصوات الأطفال وأمهات تركن َ أدعيتهن على أبواب السماء بأن يحفظ البارئ أبنائهن من الضياع.
شوارعنا خلت من الحياة، أضحت مليئة بالبؤس والجهل، لقد شاخ المخيم وملأ الشيب حاراته وتوسعت نكباته. سيخبرك شيخ يجلس على أطراف إحدى المساجد أن الحاجة مذلة ، وأنه يعاني من خمول في الأمل و لا حاجة له أن يسأل فالسؤال لغير الله مذلة. سيركض خلفك طفل يحدثك عن شوق لمقاعد الدراسة وأنه في توق لشغب مع أصدقائه بلا خوف من غد لم يعد واضح الملامح.
ويعز علينا أن يذكر أرباب الأجيال بالسوء وأن يطعن بهم من أبناء البلاد، يعز علينا أن نرى معلمو الوطن يحاربون من كل اتجاه وكأنهم مخربون أو مجرمو حرب. أضحى معلمونا يعانون الويل من كل النواحي ولكن طعنة ابن البلاد أشدها ألماً ومرارة. قد يصبر المعلم على هضم حقوقه ، وقد يضحي في سبيل محاربة الجهل وقلة التقدير، غير أن ظلم ذوي البلد الواحد أشد مضاضة ووقعاً من غيره. كيف وصل بنا الحال أن يخوض معلمونا إضرابا ً عن الطعام لاستجداء إحدى الحقوق البسيطة؟! غير أن الكرامة لا تؤخذ، بل تنتزع انتزعاً ، وما بعد الليل شمساً ونهاراً من العزة والشموخ.
إنها إحدى الغيوم السوداء التي تمطر المخيمات من حين إلى اخر. واذا اشتدت الغيوم والعواصف ، زاد تمسكنا بحقوقنا وقضيتنا ، زاد أيماننا أننا أصحاب الحق في كل مجالات الحياة. لنا الحق في حياة كريمة وهواء نظيف، لنا الحق أن نهنأ بكرامة حيث لا خوف من خيانة غد قد لا يأتي إلا بمزيد من الخذلان والخيبات.
ومن هنا نبعث رسائلنا كمربي الأجيال والأمل، أننا اعتدنا العطاء والسخاء، وما زلنا أنهاراً توهب للأجيال القادمة العلم والأدب والكرامة، فإننا لم نعتد حياة الإذلال فنحن خلقنا من تراب الكرامة وإليه نعود ولا نريد المقابل سوى التقدير فنحن نحارب من أجل الكرامة وقد نموت من أجلها ولنا كل الفخر أننا نصارع من أجل أن نحظى بحياة نبيلة، وكما قال الكاتب الراحل غسان كنفاني ” ليس المهـم أن يمـوت الإنســان، قبــل أن يحقــق فكــرته النبيلــة… بــل المهــم أن يجــد لنفســه فكـــرة نبيلــة قبــل أن يمــوت”

شاهد أيضاً

شهداء وجرحى بقصف اسرائيلي على قطاع غزة

شفا – استشهد وأصيب عشرات المواطنين، الليلة، في غارات شنها طيران الاحتلال الإسرائيلي على أنحاء …