5:20 مساءً / 28 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

الحسابات الخاطئة لـ”إسرائيل” كدولة احتلال وفتح الجبهات المتعددة ، بقلم : عمران الخطيب

الحسابات الخاطئة لـ”إسرائيل” كدولة احتلال وفتح الجبهات المتعددة ، بقلم : عمران الخطيب

“إسرائيل” كدولة احتلال لا تتعلّم من التاريخ، وتواصل ارتكاب الحسابات الخاطئة. فمختلف الدول والشعوب التي تعرضت للاحتلال من القوى الاستعمارية تحررت، وهناك شواهد كثيرة على الشعوب التي قاومت الاستعمار؛ فقد قاوم الشعب الجزائري الاستعمار الفرنسي 130 عاماً، وقدّم ملايين الشهداء من أجل نيل الاستقلال وإنهاء الاحتلال الفرنسي. أما بريطانيا، التي كانت تُوصف بأنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فعادت إلى حجمها الجغرافي وغابت شمسها الاستعمارية، حتى بات يُشار إليها اليوم بوصف “بريطانيا العجوز”. وكذلك ألمانيا التي احتلت العديد من دول العالم في سبيل السيطرة والهيمنة على الشعوب.

وفي تجربة أخرى، خاضت الولايات المتحدة وفرنسا حرباً طويلة ضد الشعب الفيتنامي، وانتهت تلك الحرب بهزيمتهما بعد سنوات من العدوان، دون أن يستسلم الشعب الفيتنامي أو يرفع الراية البيضاء.

أما لبنان، الذي قد يكون من أصغر الدول مساحة، فقد تمكن شعبه من إخراج جيش الاحتلال الإسرائيلي وإجباره على الانسحاب من بيروت والجنوب اللبناني دون شروط. بل إن شعار حملة إيهود باراك الانتخابية للترشح لرئاسة الوزراء كان: “الانسحاب من جنوب لبنان”.

هذه النتائج لم يتعلم منها الاحتلال الإسرائيلي، ولم يتعلم من تجارب الدول الاستعمارية، بما في ذلك تجربة النظام العنصري السابق في جنوب أفريقيا. فالعقلية الحاكمة لدى الأحزاب اليمينية الدينية المتطرفة في “إسرائيل” ما زالت تعتقد أن استخدام المجازر والإبادة الجماعية قد يجبر الشعب الفلسطيني على الخنوع والاستسلام والقبول بالأمر الواقع والهجرة. لكن الشعب الفلسطيني لا يملك ما يخسره، وليس أمامه إلا المقاومة بكل الوسائل والأشكال.

تواجه “إسرائيل” مشكلة ديمغرافية متصاعدة مع الشعب الفلسطيني، وهذه الحقيقة لن تنقرض، بل هي في ازدياد. فبعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت، تولّى الشعب اللبناني مهمة المقاومة، حيث تشكّل حزب الله وظهرت المقاومة الإسلامية إلى جانب الحركة الوطنية اللبنانية. وعلى الرغم من نجاح المخطط الإسرائيلي في إخراج منظمة التحرير من لبنان، فقد تم تنفيذ العديد من العمليات العسكرية وتجاوز الحدود البحرية وشنّ سلسلة من العمليات الاستشهادية. بل اندلعت الانتفاضة الأولى في قطاع غزة والضفة الغربية ومخيماتها والقدس، وتشكّلت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة بقيادة القائد الوطني خليل الوزير “أبو جهاد” رحمه الله، حيث أجبرت الانتفاضة الأولى إسرائيل على الذهاب إلى المفاوضات قبل اتفاق أوسلو.

وعلى الرغم من فشل المفاوضات بسبب التعنّت الإسرائيلي، إلا أن ما تحقق هو أن نصف الشعب الفلسطيني يعيش اليوم داخل فلسطين المحتلة، وهو ما يشكّل عاملاً أساسياً في المعادلة الديمغرافية. وفي إطار الحسابات الخاطئة للاحتلال، يعتقد البعض في “إسرائيل” أن حزب الله انتهى. صحيح أنه تلقّى ضربات موجعة، لكنه لم ينتهِ، بل إن الشعب اللبناني – الذي يحب الحياة كشعوب العالم كلها – لن يقبل بالاحتلال الإسرائيلي تحت أي مسمى، وسيتحول إلى أشكال متعددة من المقاومة الشعبية دفاعاً عن الكرامة والحرية والأمن.

لذلك قد تتفاجأ “إسرائيل” بوقائع جديدة لم تكن في الحسبان. وعلى الجبهة السورية، تعتقد حكومة نتنياهو والائتلاف الحاكم أن سوريا أصبحت تحت السيطرة بعد سقوط النظام وتفكيك الجيش وتدمير المنشآت العسكرية والأمنية والمطارات. ولكن من قال إن الشعب السوري سيقبل ويرفع الراية البيضاء؟ هذا أيضاً نموذج آخر من الحسابات الخاطئة.

أما على الجانب الفلسطيني، فقد كانت المفاوضات في مراحل معينة ممكنة للحل وإنهاء الاحتلال، لكن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ترفض فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وترفض حل الدولتين. ونتيجة لذلك، ورغم العدوان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، فإن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن حقه في تقرير المصير وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. فهذا الحق ليس للبيع أو المقايضة أو الاستسلام.

عمران الخطيب

شاهد أيضاً

بلجيكا تدعو لاتخاذ إجراءات حازمة لوقف عنف المستوطنين في الضفة الغربية

بلجيكا تدعو لاتخاذ إجراءات حازمة لوقف عنف المستوطنين في الضفة الغربية

شفا – دعا وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، لاتخاذ إجراءات حازمة لوقف عنف المستوطنين الإسرائيليين …