11:41 صباحًا / 28 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

لم نُخلق لنُدفَن ، لكنّ الحياةَ أبدعتْ في حفْرِنا ، بقلم : ماتيلدا عواد

لم نُخلق لنُدفَن ، لكنّ الحياةَ أبدعتْ في حفْرِنا

لم نُخلق لنُدفَن ، لكنّ الحياةَ أبدعتْ في حفْرِنا ، بقلم : ماتيلدا عواد

لم نُخلق لنُدفَن…
لكنّ الحياةَ أبدعت في حَفرِنا؛
حَفرتْ في أرواحنا قبل أجسادنا،
وفي صمتنا قبل أصواتنا،
وفي احتمالاتنا قبل أن نتعلّم الوقوف.

أبصرتُ نفسي،
لا كجسدٍ يمشي،
بل كظلٍّ يجرّ خلفه جثمانًا داخليًّا
تُعاد دفنه كلما حاول النهوض.

لقد تعلّمتُ أنّ الدفن ليس ترابًا،
بل فكرةٌ تنغرز تحت الضلوع؛
أنّ الانطفاء يبدأ حين نفتح أعيننا على العالم،
لا حين نغلقها عنه.

نحن مقابرُ عميقةٌ تتنقّل،
تحمل أسماءها كالشواهد،
وتتكلّم بصوتٍ يشبه تكسير الحجر في صدرٍ حيّ،
وتضحك كمن يجرّ قدميه فوق رماد نفسه.

يا لها من حياة…
مدينةٌ تُضاء بالشمس
لكنّ عمارتها مبنيةٌ على جنازاتٍ مؤجّلة،
وأرواحٍ تعلّقت في الهواء
كأنها شواهد قبور لم تجد أرضًا تستقرّ فيها.

أسفي على هذه الحياة…
أسفي لأننا ننهار ببطءٍ لا يُرى،
ونُبعث إلى يومٍ جديدٍ
كمن يُساق إلى دفنه الثاني.

أسفي لأنّ أعماقنا أوسع من أن تتّسعها الأرض،
وأضيق من أن تفلت من قبضة الزمن.

ولأنّنا…
نعيش تحت طبقاتٍ من الصمت
أثقل من أيّ تراب،
ونتسلّل بين ساعات النهار
كأحياءٍ يتدرّبون على الموت
دون أن يشعروا.

نحنُ الراحلون قبل الرحيل،
والمنفيّون عن ذواتهم قبل أن يتعلّموا أسماءهم،
والكائنات التي سقطت من يد الخلق
فأكملتها الحياة على طريقتها؛
بالحفر…
ثم الحفر…
ثم الحفر
إلى أن تصبح الروح بئرًا
لا يصل إلى قاعها أحد.

أسفي على هذه الحياة…
لأنّ كل يومٍ ينطفئ منّا جزءٌ
ونسمّي ذلك:
نجاة.

  • – ماتيلدا عواد – الناصرة

شاهد أيضاً

312 يوماً من العدوان .. جيش الاحتلال يقرر هدم 24 مبنى داخل مخيم جنين

312 يوماً من العدوان .. جيش الاحتلال يقرر هدم 24 مبنى داخل مخيم جنين

شفا – قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي هدم 24 منزلا في مخيم جنين شمال الضفة الغربية. …