7:05 مساءً / 13 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

«إسرائيل» تصدّع اجتماعي وانهيار أخلاقي ، بقلم : راسم عبيدات

«إسرائيل» تصدّع اجتماعي وانهيار أخلاقي ،

«إسرائيل» تصدّع اجتماعي وانهيار أخلاقي ، بقلم : راسم عبيدات


من خلال المشاهد التي رأيناها، يتّضح أن دولة الاحتلال فقدت بوصلة الاتجاه، وتتجه نحو التصدّع الاجتماعي والانهيار الأخلاقي، وهي تسير في طريق التوحّش، نازعة القفّاز عن ما كانت تتبجح به من أن جيشها هو «الأكثر أخلاقية في العالم».

حيث حصلت الاستخبارات الأميركية العام الماضي على معلومات تفيد بأن كبار المسؤولين «الإسرائيليين» ناقشوا قيام جنود جيش الاحتلال بإرسال فلسطينيين إلى أنفاق في غزة يُشتبه بأنها مفخّخة. وكذلك جمعت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية عام 2023 بناءً على محادثات بين مسؤولين إسرائيليين، تفيد بأن جنودًا أرسلوا فلسطينيين إلى أنفاق في غزة، يعتقد الجيش أنها قد تكون مفخّخة، وقاموا بتفتيشها، واستخدام الغزيين كدروع بشرية.

وما شاهدناه من مظاهر احتفالية في قاعة إحدى المحاكم «الإسرائيلية» من غناء وابتهاج لدخول مجموعة من جنود الاحتلال المتّهمين بعملية اغتصاب وتنكيل ذات نزعة سادية بحق أسير فلسطيني، وكذلك قيام مجموعة أخرى من جنود الاحتلال باغتصاب أسيرة فلسطينية، يدُلّ على أن هناك عقلية ثأرية وانتقامية تحكم قادة دولة الاحتلال ومؤسساتها ودوائرها الأمنية والعسكرية تجاه الأسرى الفلسطينيين. ورأينا الكثير من المشاهد التي يتباهى بها وزير الأمن «الإسرائيلي» بن غفير في التنكيل بالأسرى الفلسطينيين، وعرضهم في مشاهد تَحطّ من إنسانيتهم وكرامتهم، وتنتهك أبسط حقوقهم الإنسانية. ولِكي يصل به الأمر إلى توزيع الحلوى في «الكنيست» – البرلمان «الإسرائيلي» – احتفاء بإقرار قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين بالقراءة الأولى.

وهذه المشاهد ليست بعيدة عن ما يقوم به زعران المستوطنين من اعتداءات وتنكيل بحق شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية، حيث يُجري قتل المواطنين الفلسطينيين وتدمير وحرق ممتلكاتهم ومركباتهم، وقطع الطرق والاعتداءات على قاطفي محصول الزيتون، وسرقة المحاصيل وقطع وتخريب أشجار الزيتون، والاستيلاء على الأراضي، وطرد وتهجير المواطنين من أرضهم، وقتل حيواناتهم.

هذه الجماعات الاستيطانية المتطرفة من جماعات ما يُعرف بـ «تدفيع الثمن» و«شباب أو برابرة التلال» و«لهيفا» وغيرها من التشكيلات الإجرامية، تزداد وتَتفرعن في ظل غياب أي رادع لا قانوني ولا أخلاقي، وهي تجد لها حواضن وتواطؤاً في المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية. فحسب القناة الثانية عشرة العبرية، فإنه في عام 2022 فُتِح 235 ملف تحقيق ضد مستوطنين على خلفية الاعتداءات التي مارسها المستوطنون بحق الشعب الفلسطيني، وانخفض هذا العدد إلى 150 ملفًا عام 2023، ثم إلى 60 ملفًا عام 2024، ولم يُقدَّم أي لائحة اتهام بحق أي مستوطن في عام 2024، رغم كل الشواهد والحقائق الدامغة حول الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها هؤلاء المستوطنون بحق شعبنا الفلسطيني.

جرائم المستوطنين، والتي تحرص إدارة «المأفون ترامب» وقادة دولة الاحتلال والعديد من الدول العربية والإسلامية على وصفها بأنها عنف مستوطنين وليس إرهابًا، في حين عندما يقوم طفل فلسطيني بإلقاء حجر على سيارة مستوطن أو جندي، تُصنّف هذه عملية «إرهابية». هي سيادة المعايير المزدوجة، والتغطية والتستر على جرائم الاحتلال بحق شعبنا الفلسطيني، وغياب للشرعية الدولية والقانون الدولي. وأفضل وصف لتلك المؤسسات ما قاله الرئيس الفنزويلي بحقها، بأنها مؤسسات مشلولة ولا تفعل شيئًا. كيف لا، والرئيس الأمريكي «المأفون» الذي تمارس دولته الإرهاب والتدخل في شؤون الكثير من الدول، طمعًا في تغيير أنظمتها والسيطرة على خيراتها وثرواتها النفطية والغازية والذهب والمعادن الثمينة والنادرة، كما يجري من تحضير لعدوان واسع على فنزويلا، تحت حجج وذرائع «إغراق فنزويلا لأمريكا بالمخدرات»، في الوقت الذي يعرف الجميع من يقود كارتيلات المخدرات في أمريكا، وكذلك الحال مع دولة كولومبيا ورئيسها غوستافو بيدرو. هذه الهجمة التي تتعرض لها هاتان الدولتان وغيرها من الدول، على خلفية مواقفها مما يرتكبه الاحتلال من جرائم وإبادة جماعية وتجويع في قطاع غزة، هي المحرّك الأساسي لمثل هذه الاتهامات والعقوبات والاعتداءات التي تقوم بها أمريكا ضد هذين البلدين.

وما شجّع ويشجّع المستوطنين على ما يقومون به من «تغوّل» و«توحّش» بحق شعبنا الفلسطيني، هو التستر والتواطؤ معه من قبل قيادات عسكرية وأمنية في دولة الاحتلال، حيث وزير حرب الاحتلال «إسرائيل كاتس» ألغى عقوبة الاعتقال الإداري بحق المستوطنين الذين ينفّذون اعتداءاتهم وأعمالهم الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني، وكذلك فعل شريك حكومة الاحتلال في تلك الجرائم «المأفون ترامب»، حيث أَلْفَى الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي بحق عدد من المستوطنين والمنظمات الاستيطانية بفرض عقوبات عليهم، وإن كانت في ظاهر الأمر شكليّة، بمنع دخولهم إلى الولايات المتحدة.

ما قالته صحيفة “إسرائيل هيوم” المحسوبة على اليمين، يدلل بشكل واضح على عمق المأزق والأزمة التي تعيشها دولة الاحتلال، حيث قالت في تقرير لها يوم الإثنين: “إسرائيل في لحظة ‘انكشاف تاريخي’ بعد 7 أكتوبر.. ‘قطيع متوحش وسقوط داخلي وصدمة وانهيار للثقة بالجيش'”.كما كشفت تلك الصحيفة عن حجم التصدع الاجتماعي والانهيار الأخلاقي الذي يضرب إسرائيل منذ هجوم “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023.

وأكثر من ذلك، قالت الصحيفة إن المجتمع الإسرائيلي “فقد بوصلته الأخلاقية وتحول إلى قطيع متوحش”.

وتضيف الصحيفة أن “إسرائيل” تعيش انفلاتًا غير مسبوق في الخطاب والتحريض، حتى ضد قيادات عسكرية، إذ تلقت المدعية العسكرية رسائل تدعو إلى “حرقها وإعدامها شنقًا”.

في حين يلخص الخبير الإسرائيلي بن كاسبيت المشهد بقوله: “7 أكتوبر لم يهاجم إسرائيل من الخارج فقط.. بل عرى تآكلها من الداخل”. أما الباحث شلومو بن عامي فيشير إلى أن إسرائيل تدخل مرحلة “ما بعد المشروع الصهيوني الكلاسيكي”.

إذًا، من خلال هذه الأقوال، والتي نجد فيها مدى التصدع الاجتماعي والانهيار الأخلاقي الذي تعيشه دولة الاحتلال بفعل تداعيات السابع من أكتوبر، فليس بالغريب والمستغرب على شخص محسوب على جماعات متطرفة مثل بن غفير، كان على هامش المشروع الصهيوني وأصبح في قلبه، بل ومقرر في سياسات حكومته، أن يطرح مثل هذا المشروع القانوني، إعدام الأسرى الفلسطينيين، خدمة لأهدافه السياسية وكمشروع دعائي يحتاجه في ظل مجتمع يغرق في العنصرية والتطرف، من أجل زيادة شعبيته في المجتمع “الإسرائيلي”، لكي يحصل لحزبه على مقاعد أكثر في الانتخابات التشريعية العامة القادمة. فعمليات إعدام الفلسطينيين خارج القانون مستمرة ومتواصلة، و”إسرائيل” لا تحتاج إلى تشريع قانون يجلب لها المزيد من تحطيم صورتها المحطمة على الصعيد العالمي.

فلسطين – القدس المحتلة

شاهد أيضاً

شهيدان برصاص جيش الاحتلال في بيت أمر شمال الخليل

شهيدان برصاص جيش الاحتلال في بيت أمر شمال الخليل

شفا – ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية ، مساء اليوم الخميس، أن جيش الاحتلال قتل فلسطينين …