
العلم الفلسطيني… رمز الهوية والنضال والحرية ، بقلم : معروف الرفاعي
في كل عام، وتحديدًا في الثلاثين من سبتمبر/أيلول، يحتفل الشعب الفلسطيني بـ يوم العلم الفلسطيني، ذلك اليوم الذي يخلّد لحظة تاريخية فارقة عندما رُفع علم فلسطين لأول مرة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، في الثلاثين من سبتمبر عام 2015، إلى جانب أعلام الدول الأعضاء، بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في ذلك اليوم وقف الأخ الرئيس أبو مازن، رئيس دولة فلسطين، ليعلن أمام العالم أن رفع العلم الفلسطيني في سماء الأمم المتحدة “لحظة تاريخية من مسيرة نضال شعبنا، وأن هذا العلم عنوان هويتنا الوطنية، وإهداء للشهداء والأسرى”. ومنذ ذلك التاريخ، اعتمد الثلاثون من سبتمبر يومًا رسميًا للعلم الفلسطيني.
العلم الفلسطيني ليس مجرد راية ملوّنة، بل هو تعبير عن هوية وطنية عريقة، وقصة نضال ممتدة عبر عقود طويلة من الصمود والتضحيات، بألوانه الأربعة – الأسود، والأبيض، والأخضر، والمثلث الأحمر – يحمل العلم رمزية عميقة؛ فهو شاهد على تاريخ الثورة العربية الكبرى عام 1916، حيث كان تصميمه الأول على يد الشريف حسين، ثم أصبح رمزًا للحركة الوطنية الفلسطينية منذ عام 1917.
وفي عام 1948 أعاد أبناء شعبنا تبني العلم في مؤتمر غزة، ليصبح معترفًا به من جامعة الدول العربية كعلم للشعب الفلسطيني، وأما المجلس الوطني الفلسطيني، ففي جلسته الأولى عام 1964، نص في ميثاقه القومي على أن يكون لفلسطين علمها الخاص، محددًا ألوانه بالترتيب: الأخضر، فالأبيض، فالأسود، مع مثلث أحمر، وفي الأول من ديسمبر من العام ذاته، وضعت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نظامًا خاصًا يحدد مقاييسه وأبعاده، لتتبناه الثورة الفلسطينية مع انطلاقتها عام 1965، وأخيرًا، في إعلان الاستقلال بالجزائر بتاريخ 15 نوفمبر 1988، جرى اعتماد العلم رسميًا كعلم لدولة فلسطين.
لكل لون في العلم الفلسطيني دلالة خاصة:
- الأسود: يرمز إلى الحقبة القاسية من تاريخ الأمة العربية وما عاشه الفلسطينيون من نكبات واحتلال.
- الأبيض: يعكس الأمل في المستقبل والسلام العادل.
- الأخضر: يشير إلى أرض فلسطين الخصبة، وإلى الحياة المتجددة والجذور العميقة لهذا الشعب.
- الأحمر: يرمز إلى دماء الشهداء وتضحياتهم في سبيل الحرية والاستقلال.
هذه الألوان مجتمعة تروي قصة شعب لم يتخلَّ عن حلمه، ولم يفقد بوصلته رغم كل محاولات الطمس والاقتلاع.
الاحتفال بيوم العلم الفلسطيني في الثلاثين من سبتمبر كل عام، ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو تأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وتجديد للعهد على التمسك بالحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها الحق في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إن رفع العلم الفلسطيني في الساحات والمدارس والميادين في هذا اليوم، هو فعل مقاومة بحد ذاته، ورسالة للعالم بأن فلسطين ما زالت حية في قلوب أبنائها، وأن هويتها راسخة لا يمكن أن يمحوها الزمن ولا الاحتلال.
العلم الفلسطيني إذن ليس مجرد رمز سياسي أو وطني، بل هو عنوان لهوية شعب، وراية لنضاله، وقصيدة تضحياته، وحين يرفرف في سماء الأمم المتحدة، أو على أسوار القدس، أو في مخيمات الشتات، فإنه يعلن أن هذا الشعب ماضٍ في درب الحرية مهما طال الطريق، وأن فلسطين ستبقى حاضرة على خارطة العالم بدماء شهدائها وصمود أبنائها.
- – معروف الرفاعي – مستشار محافظ القدس