
ماذا تنتظرون؟؟ ، بقلم : محمد علوش
ماذا ينتظر العالم أمام هذا الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، وأمام هذه الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة.. السؤال بطبيعة الحال لا يتعلق بالجهل بما يجري، فالعالم يعرف التفاصيل الدقيقة بالصوت والصورة والتقارير الموثقة، بل يتعلق بالتواطؤ والصمت والازدواجية.
منذ أكثر من سبعين عاماً جرى تثبيت ظلم تاريخي بحق الفلسطينيين عبر مشروع استعماري استيطاني قام على الطرد والمجازر، وها هو يتجدد اليوم بأبشع الصور عبر الحصار والقتل الجماعي وتدمير البيوت فوق ساكنيها وتجويع الأطفال والنساء والشيوخ، في مشهد لم يعد يحتمل أي وصف سوى أنه جريمة ضد الإنسانية وإبادة جماعية مكتملة الأركان.
إن استمرار هذا العدوان يمثل فضيحة أخلاقية للنظام الدولي، الذي يحكمه ميزان القوة لا ميزان العدالة، وتتحكم فيه مصالح القوى الكبرى التي توفر الغطاء للجرائم تحت ذرائع زائفة، فيما تترك المواثيق والقوانين الدولية أسيرة الورق والبيانات الشكلية، والانتظار لم يعد مجرد عجز بل صار مشاركة في الجريمة، إذ يمنع إيقاف النزيف بقرارات ملزمة، ويترك الفلسطينيون ليواجهوا مصيرهم وحدهم، ومع ذلك فإن الشعوب الحرة حول العالم ترفع صوتها وتضغط على حكوماتها، وتفضح سياسة الكيل بمكيالين، وتدرك أن فلسطين اليوم هي محكّ القيم الإنسانية كلها.
إن واجب القوى الحية، من نقابات ومثقفين ومنظمات مجتمع مدني، أن تحوّل الغضب إلى فعل، والتضامن إلى ضغط، وأن تسهم في بناء ميزان قوى جديد يفرض على العالم الاعتراف بالحقوق الفلسطينية ووقف هذه المقتلة المستمرة، فالصمت لا يبرر، والتأجيل لا يغفر، وما لم يتحول الموقف العالمي إلى فعل حقيقي يوقف العدوان ويكسر الحصار ويحاسب المجرمين، فإن الضمير الإنساني سيظل مداناً إلى الأبد.