8:24 مساءً / 16 سبتمبر، 2025
آخر الاخبار

قراءة في قصيدة “غياب في زمن الحرب” للشاعرة بسمة الصباح ، بقلم : الدكتور عادل جودة

قراءة في قصيدة "غياب في زمن الحرب" للشاعرة بسمة الصباح ، بقلم : الدكتور عادل جودة

قراءة في قصيدة “غياب في زمن الحرب” للشاعرة بسمة الصباح ، بقلم : الدكتور عادل جودة


قصيدة “غياب في زمن الحرب” للشاعرة بسمة الصباح تمثل نموذجاً شعرياً مكثفاً يجسد المأساة الإنسانية في زمن الحرب حيث تتحول المعاناة الفردية إلى رمز للجماعية المنكسرة.


القصيدة تحفر في عمق الغياب والافتقاد ليس كحالة عابرة بل كوجود متجذر في زمن ممزق.

بنية القصيدة ودلالاتها

تبني الشاعرة قصيدتها على حوار مع غائبة مجهولة الاسم لكنها محددة المعالم في الوجدان:
“ياشقيقة وجعي… النائم في خاصرتي”. هذه المخاطبة تحول الغياب إلى كيان ملموس وتجسد الألم كوجود متجسد في الجسد والذاكرة.

تستخدم الشاعرة استعارات قوية تعكس حالة التشظي:
“هذا الشتات المتدلي من أكتافي” و”يتكوّر كجنين حُرِمَ المهدَ”.
هذه الصور لا تعبر فقط عن الفقد
بل عن تشوه الهوية وانكسار الذاكرة في منفى قسري.

الحرب والوطن المفقود

تمثل القصيدة لوحة مؤلمة للوطن المحتل: “وأصبح وطننا مصلوباً على شاشة سائلة”.
هنا تتحول المأساة إلى مشهد متكرر في وسائل الإعلام تفقد إنسانيتها لتصبح “أخباراً عاجلة” عابرة.

الثيمة الرئيسية في القصيدة

هي البحث عن الملاذ في حضرة الغائبة: “ضمّيني كغيم ضلَّ طريق المطر”.
هذه الاستعارة تعكس الضياع والبحث
عن اتجاه في عالم فقد بوصلته الإنسانية.

اللغة والأسلوب

تمتاز لغة القصيدة بـ:

الكثافة الشعرية والانزياحات الجريئة
توظيف المتناقضات: الغياب/الحضور، الحرب/الربيع، الصقيع/الدفء
بناء صورة مركبة للمأساة عبر تراكم الاستعارات

الإيقاع الداخلي الذي يعكس حالة التمزق والبحث

الخاتمة :

“غياب في زمن الحرب” قصيدة تتجاوز البكاء على الأطلال إلى تأمل المأساة الإنسانية في زمن الحرب.
إنها تسجيل لجرح لا يندمل
وصورة لذات تبحث عن ملاذ في حضرة غائبة تكون ملجأ من عواصف العالم البارد.

القصيدة تذكرنا أن الحرب لا تدمر فقط البنى التحتية
بل تدمر الذاكرة والهوية والإنسانية نفسها


تاركة وراءها “تفاصيل منسية وهوامش مبتورة في رواية موجوعة اسمها الوطن”.

تحياتي واحترامي

غياب في زمن الحرب

لُمِّي الغيابَ !
براحتَيكِ
ياشقيقة وجعي…
النائم في خاصرتي..
لُمّي هذا الشتات ..
المتدلي من أكتافي..
في مسائي هذا …
يتكوّرُ كجنينٍ حُرِمَ المهدَ..
ونسيَ اسمهُ..
في زحمةِ المنافي..
وزُقاقٍ باكٍ..
من أزقّةِ الحنين…

كلُّ الأبوابِ التي طرقتُها..
أصبحت بكماء..
لا تشبهُ بابكِ..
ولا تفوحُ منها رائحةُ…
نثار ذكراكِ ..
ولا تشبهُ دفءُ الجدرانِ القديمة..
لم تعد تعرف كيف تلفني…
بندبة نداءاتك:
“تعالي..
تأخّرتِ عليّ كثيراً.”

يقضمُ الصقيع أطرافَ ذاكراتي..
وأمنياتي تتفسّخُ في العراء..
وأصبح وطننا مصلوباً..
على شاشة سائلة..
تقطر منه…
دموع الأطفال..
وكأنها أخبارٌ عاجلة..

ضمّيني كغيمٍ ..
ضلَّ طريق المطر..
وكحرفٍ يُتأتئ ..
في حضرة الضوء..
وكقلبٍ كلّما تعلّقَ بنجمةٍ
سقطتْ عليه السماء…

أعيدي لي .!
ترتيبَ خراب صدري..
وقنديلك المكسور..
إلى نافذتي..
لعلّ في صوتِكِ ..
تنبض الأشياء..
وفي نغمةِ تنهدكِ..
تخضرُّ الأرصفة الهاربة..
وينهضُ فينا ربيعٌ..
نسيناهُ في جيبِ الحرب..

مدّي يديكِ.!!
لأخيطَ بهما قلبي المُمزّق..
فالإبرُ صارت رماد..
واللغاتُ خرساء..

أريدُ حكايةً منكِ..
تخدعُ الليلَ عني..
وتطفئ فم العواء..
وتخبئُني…
تحتَ جناح حضورك الغائب..
كوشم على قلب الوقت..
وتقولُ للبردِ:
“ارجَعْ، فهناك من ينتظرُ دفءَ اسمه…
منذ دهرٍ من الهجر”

كلُّ هذا العالمِ يتثاءبُ برداً..
ولا أحد يسألُ:
كم عاصفةً تنام..
في تجاعيد العيونِ البعيدة؟!
وكم يتيماً يحتاجُ
إلى ضمّةٍ تشبهُ حنانك؟!

فمدّي يديكِ.!
قبل أن تذبلَ الجهات..
ونغدو..
تفاصيلَ منسيةٍ…
وهوامش مبتورة..
في روايةِ موجوعة…
اسمها الوطن..

بسمة الصباح

شاهد أيضاً

مدير عام جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء محمد الخطيب يستقبل وفداً من هيئة التوجيه السياسي والوطني

مدير عام جهاز الاستخبارات العسكرية اللواء محمد الخطيب يستقبل وفداً من هيئة التوجيه السياسي والوطني

شفا – استقبل سيادة اللواء محمد الخطيب “نضال شاهين”، مدير عام جهاز الاستخبارات العسكرية، في …