12:47 صباحًا / 19 أبريل، 2024
آخر الاخبار

تونس.. شرف الجندي أمام قسَم “الغنوشي” بقلم : حسين الشيخ

تونس.. شرف الجندي أمام قسَم “الغنوشي” بقلم : حسين الشيخ

من الطبيعي أنْ تتعثر الدول على طريق السياسة المليء بالصراعات الحزبية والفكرية، الساعية للوصول إلى سدة الحكم.

وذلك لكون السلطة هي عنوان سيادة الفكرة السياسية وتحويلها من المنطلقات النظرية إلى قوانين إجرائية تحكم البلاد والعباد.

ولكن العروة الوثقى، التي تضمن للأوطان تجاوز هذه العثرات وتغليب المصالح العليا للبلاد على كل اعتبار سياسي وسلطوي، تتمثل في المواطن المؤمن بحقوقه وواجباته تجاه وطنه، والإيمان الذي يُبقي البوصلة باتجاه واحد نحو أمن البلد واستقراره.

وضمن هذه المعادلة، تجري الأوضاع في تونس اليوم, بعد قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد البرلمان وإعادة هيكلة البلاد إدارياً، من جراء الممارسات العديدة التي قامت بها حركة “النهضة”، ذراع الإخوان في تونس, والتي لاقت رفضاً واستهجاناً من الشعب التونسي.

ومردُّ هذا الاستهجان لا يعود بالضرورة إلى نظرية “الإسلاموفوبيا”، كما يفسر البعض, وإنما مردّه العمل على ذوبان الأوطان ضمن مشاريع إقليمية همها الأوحد تحقيق المصالح للأقوى بينها على حساب استقلال الشعوب ورخائها.

ووفق هذا الإطار، تأتي الإجراءات الدستورية للرئيس التونسي، التي لاقت ترحيباً شعبياً واسعاً بين التونسيين, إلا أنها لم تكن الزاوية الوحيدة في هذا المشهد الكبير, الذي أراه متلخصا في عبارة الجندي، الذي منع راشد الغنوشي، زعيم حركة “النهضة”، من الدخول إلى مبنى البرلمان بعد القرار الرئاسي بتجميد عمل نوابه، والتي قال فيها: “أقسمنا على الدفاع عن الوطن”, هذه العبارة، التي تكثف كثيرا من المعاني الوطنية, ومنها:

أولاً: الوعي، فإذا كان هذا الجندي حارساً على باب المؤسسة التشريعية التي تمثل الشعب التونسي, فإنه يمثل الشعب بصدق أكبر من كثير ممن يجلسون تحت القبة في المجلس, فهو فرد من أفراد الشعب قبل كل شيء, فيعكس بذلك صورة المواطن الحريص على البلاد قبل حرصه على المناصب والأدوار السياسية, كما أنه يمثل الرد القانوني المليء بالاحترام، بصرف النظر عن الشخصية التي يمنعها من دخول مبنى البرلمان، وبغض النظر عن صفته ونظرته إليه، سلبيةً كانت أم إيجابيةً, فأنا هنا يا سيدي أقومُ بواجبي، الذي أقسمت عليه الأيمان المغلظة ووفق القانون والدستور، الذي كنت بموجبه ترأس هذه المؤسسة.

ثانياً: حماية الدستور والوطن معا، إذ إن عبارة الجندي جاءت عفويةٌ نابعة عن ذات وطنية مخلصة لوطنها, بعيدا عن التنظير لعبارات الدستور والوطن.

إن حماية الدستور وحماية الوطن شيئان لا تعارض بينهما, بل إن حماية الوطن تعني حماية الدستور والبلاد والعباد, لا سيما أن قرار تجميد البرلمان ذاته لم يأتِ من فراغ دستوريٍّ أو فوق القانون, بل هو حقٌّ لمنصب الرئيس يكفله له الدستور في حالات بعينها توفرت كلها خلال الأيام الماضية في تونس, فيكون الجندي بذلك الموقع والتصرف قد حمى الوطن والدستور والقانون بكل ما يلزم تلك الحماية من الوعي والانضباط والاحترام.

لذلك، وبصرف النظر عن الإجراءات المتخذة والأشخاص والتيارات السياسية, فإن صورة هذا الجندي هي التي تمثل الصورة الحقة للمواطن التونسي القادر من موقعه على القيام بواجبه, وبما يحتمه عليه ضميره الوطني من حماية لبلاده وضمان لاستقلالها وحريتها وقدرتها على تجاوز المحن, وإبعادها عن كل ما من شأنه جر البلاد إلى مزالق خطرة، من نزاع على السلطة, أو جرف إلى مهالك المشاريع الخارجية الرامية إلى ذوبان الأوطان ببوتقتها وتحويلها إلى ورقة لعب بيد الأجندات العابرة للحدود.

شاهد أيضاً

الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس

شفا – اعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، المحاضرة في “الجامعة العبرية” في القدس، بروفيسور نادرة شلهوب، …