12:47 صباحًا / 31 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

أخلاقيات الانتخابات البلدية ، حين تكون الخدمة العامة امتحانًا للقيم لا سباقًا للأصوات ، بقلم : د. عمر السلخي

أخلاقيات الانتخابات البلدية ، حين تكون الخدمة العامة امتحانًا للقيم لا سباقًا للأصوات

أخلاقيات الانتخابات البلدية: حين تكون الخدمة العامة امتحانًا للقيم لا سباقًا للأصوات ، بقلم : د. عمر السلخي

في لحظات الانتخابات البلدية، لا يُختبر المرشحون وحدهم، بل يُختبر المجتمع بأكمله: قيمه، ووعيه، وقدرته على تقديم المصلحة العامة على الحسابات الضيقة. فالبلدية ليست منصّة نفوذ، ولا وظيفة براتب، بل مسؤولية أخلاقية تُدار باسم الناس ولخدمتهم، خاصة في محافظات كـ سلفيت حيث تتقاطع التحديات التنموية مع واقع سياسي واقتصادي ضاغط.

البلدية أمانة لا غنيمة انتخابية

العمل البلدي في جوهره تكليف لا تشريف، هو إدارة شؤون الناس اليومية: ماء، طرق، نفايات، تنظيم عمراني، وخدمات طوارئ. وحين يتحول الترشح إلى “غنيمة” أو وسيلة وجاهة، تُفرَّغ البلدية من معناها، ويُستبدل منطق الخدمة بمنطق المصلحة. الأخلاق تبدأ من الدافع: لماذا أترشح؟ ولمن أعمل؟

البرنامج الانتخابي بين الوعد الصادق والشعار الفارغ

البرنامج الأخلاقي هو القابل للتنفيذ، الواضح في أولوياته، الصادق في تقدير الإمكانات، أما الإغراق بالوعود دون مصادر تمويل أو جدول زمني، فهو تضليل انتخابي، في محافظة سلفيت، حيث الموارد محدودة والاحتياجات كبيرة، يصبح الصدق مع الناس فضيلة سياسية، لا ضعفًا انتخابيًا.

النزاهة والشفافية أساس الثقة الشعبية

المال الانتخابي، شراء الأصوات، واستغلال النفوذ الوظيفي أو العائلي، ممارسات تُسقط أي ادعاء أخلاقي ، النزاهة لا تعني فقط الالتزام بالقانون، بل الامتناع عن كل ما يُشعر المواطن أن صوته مُستهدف أو مُستغل ،الشفافية في التمويل والدعاية والقرارات هي حجر الأساس لبناء الثقة.

الخطاب الانتخابي: اختلاف بلا تشهير

التنافس حق، والتعددية غنى، لكن تحويل الاختلاف إلى تشهير أو تخوين يترك جروحًا عميقة في المجتمع المحلي، البلديات تُدار في قرى وبلدات صغيرة، حيث الجيرة والعائلة والعلاقة اليومية، الخطاب الأخلاقي يحفظ الكرامة، وينتقد البرامج لا الأشخاص.

العائلة في الميزان الأخلاقي

للعائلة حضور اجتماعي لا يمكن إنكاره، لكن الأخلاق الانتخابية تقتضي ألا تتحول إلى أداة إقصاء أو كسر إرادة ، دعم الأقارب مفهوم، أما فرض الاصطفاف أو معاقبة المختلف، فيُضعف النسيج الاجتماعي ويقوّض فكرة المواطنة.

دور المرشح: قدوة قبل أن يكون ممثلًا

سلوك المرشح في الحملة—لغته، التزامه، احترامه للمنافسين—هو رسالة بحد ذاته، من لا يحترم قواعد المنافسة قبل الفوز، لن يحترم قواعد الإدارة بعده، القدوة الأخلاقية شرطًا للقيادة المحلية الرشيدة.

الناخب شريك في المسؤولية الأخلاقية

الأخلاق لا تقع على المرشح وحده، الناخب مسؤول عن صوته: أن يرفض الرشوة، وألا يساوم على صوته مقابل خدمة شخصية، وأن يختار على أساس الكفاءة والبرنامج، الصوت أمانة، والبلدية مرآة لخيارات الناس.

المرأة والشباب: اختبار حقيقي لصدق الشعارات

إدراج المرأة والشباب في القوائم ليس زينة انتخابية ، التمكين الحقيقي يعني مواقع مؤثرة، وأدوارًا قيادية، واحترامًا للكفاءة، في محافظة سلفيت، حيث يشكّل الشباب طاقة كبرى، يصبح إقصاؤهم خسارة أخلاقية وتنموية معًا.

ما بعد الانتخابات: احترام النتائج وحماية السلم الأهلي

الأخلاق لا تنتهي عند صندوق الاقتراع، احترام النتائج، تهنئة الفائز، والانتقال السلس للمسؤولية، كلها ممارسات تحفظ السلم الأهلي، الطعن والتشكيك غير المبرر يضر بالمجتمع قبل أن يضر بالمؤسسة

نحو ميثاق شرف انتخابي بلدي

الحاجة ملحّة لاعتماد ميثاق شرف انتخابي تلتزم به القوائم والمرشحون، يحدد قواعد الدعاية، والتمويل، والخطاب، واحترام النتائج، ميثاق كهذا يعيد الاعتبار للعمل البلدي، ويجعل الانتخابات وسيلة بناء لا ساحة انقسام.


ان أخلاقيات الانتخابات البلدية ليست شعارات موسمية، بل ثقافة تُبنى وتُمارَس، وحين ننجح في ترسيخها، نكون قد وضعنا الأساس لبلديات قوية، عادلة، وقادرة على خدمة الناس بكرامة—وهو ما تستحقه قرى وبلدات محافظة سلفيت وكل مدننا وبلداتنا وقرانا.

شاهد أيضاً

وزير خارجية الصين : يجب ألا يُترك شعب فلسطين دون إجابة عن مطالبه المشروعة بحقوقه الوطنية

شفا – قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي ، خلال كلمة له في الندوة حول …