شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
فلسطين لا تحتاج شعارات جديدة… بل سلوكًا جديدًا ، بقلم : معمر يوسف العويوي
تعاني فلسطين منذ سنوات طويلة من فائض في الشعارات،
مقابل عجزٍ واضح في تحويل هذه الشعارات إلى سلوك يومي ملموس.
فالمشكلة لم تعد في غياب الخطاب الوطني،
بل في الفجوة المتسعة بين ما يُقال وما يُمارس.
في دولةٍ ترزح تحت الاحتلال،
لا يكون السلوك مسألة أخلاقية مجردة،
بل عنصرًا أساسيًا من عناصر الصمود والبقاء.
فالمواجهة مع الاحتلال لا تُخاض فقط في ميادين السياسة أو الميدان،
بل في تفاصيل الحياة اليومية،
وفي طريقة إدارة المؤسسات،
وفي شكل العلاقة بين المواطن والسلطة،
وبين الفرد والمجتمع.
السلوك الوطني يبدأ من احترام الإنسان الفلسطيني،
كرامته، وحقوقه، ووقته،
وحقه في العدالة والمساءلة.
ولا يمكن لخطاب تحرري أن يكون مقنعًا
إذا كان المواطن يشعر بالظلم أو التهميش داخل مؤسساته.
تحت الاحتلال،
كل خلل داخلي يتحول تلقائيًا إلى نقطة ضعف،
وكل فوضى في الإدارة،
وكل فساد أو محسوبية،
تُضعف الجبهة الداخلية
وتُقوّض أسس الصمود المجتمعي.
السلوك الوطني المطلوب
هو الالتزام بالقانون دون انتقائية،
واعتماد معايير الكفاءة والنتائج لا الولاءات،
وترسيخ مبدأ المحاسبة
باعتباره قيمة وطنية لا أداة تصفية أو تشهير.
فلسطين لا تحتاج إلى خطابات أعلى صوتًا،
بل إلى إدارة أكثر كفاءة،
ومؤسسات أكثر نزاهة،
ومسؤولين أكثر قربًا من هموم الناس،
ومواطنين أكثر التزامًا بالمسؤولية العامة.
في ظل الاحتلال،
تتوسع دلالة المقاومة
لتشمل مقاومة الفساد،
ومقاومة الفوضى،
ومقاومة الانقسام الاجتماعي والفكري.
فلا تحرر وطني دون تماسك داخلي،
ولا كرامة جماعية دون عدالة فردية.
إن السلوك الوطني الحقيقي
هو الذي يحوّل الوحدة من شعار إلى ممارسة،
والاختلاف من صراع إلى تنوع،
والنقد من هدم إلى تصويب.
فلسطين لا تحتاج شعارات جديدة،
لأن الشعارات وحدها لا تبني دولة،
ولا تحمي مشروعًا وطنيًا.
ما تحتاجه هو سلوك جديد
يُترجم هذه الشعارات إلى واقع،
ويجعل من الوطنية التزامًا يوميًا
لا خطابًا موسميًا.
ويبقى السؤال الجوهري:
هل نحن مستعدون للانتقال من مرحلة رفع الشعارات
إلى مرحلة الالتزام بسلوك يليق بقضية بحجم فلسطين؟
