
ماذا تحمل 180 مليار طرد في الصين؟ بقلم : تيان جيانينغ
لأول مرة، تجاوز الحجم السنوي لخدمات التوصيل السريع في الصين 180 مليار طرد حتى 30 نوفمبر، مسجلا رقما قياسيا جديدا.
يمثل عدد 180 مليار طرد 67% من إجمالي حجم خدمات التوصيل السريع في العالم العام الماضي. مما يعني أن متوسط حجم خدمات التوصيل السريع في الصين هذا العام تجاوز 16 مليار طرد شهريا، وأكثر من 6200 طرد في الثانية، وبمتوسط يتجاوز 120 طرد لكل شخص.
يُعد حجم أعمال التوصيل السريع مؤشرا هاما لمراقبة الوضع الاقتصادي. فما الذي تحمله هذه الـ180 مليار طرد؟ وما الذي تربطه؟ وكيف يمكننا فهم الصين اليوم من خلال هذه الـ180 مليار طرد؟
على مدى السنوات الماضية، قطع قطاع البريد السريع في الصين مسارا تطوريا لافتا؛ ففي عام 2014 تجاوز لأول مرة حاجز10 مليارات طرد، وفي 2021 قفز إلى مستوى 100 مليار طرد. ومنذ ذلك الحين، بات الزمن اللازم لتجاوز كل “مائة مليار” جديد يقلّ عاما بعد عام، لتتحقق قفزة من “مائة مليار سنويا” إلى “مائة مليار شهريا”. فما الذي يقف خلف ذلك؟
النمو المستمر في حجم أعمال التوصيل السريع لا ينفصل، أولا عن الطلب القوي. الصين هي موطن لأكثر من 1.4 مليار شخص، وأكثر من 400 مليون من أصحاب الدخل المتوسط، وتحتل باستمرار المرتبة الثانية عالميا كأكبر سوق استهلاكية، والأولى كأكبر سوق للتجزئة عبر الإنترنت، والثانية كأكبر سوق للاستيراد، مما يوفر طلبا هائلا في السوق.
منذ بداية هذا العام، أدت التجارة الإلكترونية المباشرة من خلال البث المباشر، وبيع التجزئة الفوري، وانتعاش الاستهلاك في أسواق المحافظات والبلدات، والتسارع في حركة المنتجات الزراعية صعوداً إلى تنويع تدفق الطرود. في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، بلغت مساهمة إنفاق الاستهلاك النهائي في النمو الاقتصادي 53.5%، بزيادة قدرها 9.0 نقطة مئوية عن العام السابق بأكمله. كما أن مؤشر التجارة الإلكترونية اللوجستية الصيني، الذي أصدره الاتحاد الصيني للخدمات اللوجستية والمشتريات ومجموعة JD، قد سجل ارتفاعا متواصلا لمدة 8 أشهر.
دفع نظام الإمداد عالي الكفاءة بجودة وحجم قطاع التوصيل السريع إلى الارتفاع معا. فعلى سبيل المثال، الانتشار العالمي للعبة “لابوبو” هذا العام كان نتيجة سلسلة توريد صينية عالية الكفاءة، بدءا من التصميم والبحث والتطوير، مرورا بالإنتاج والتصنيع، ومن الطباعة والتغليف إلى التوزيع اللوجستي، وصولا إلى العرض العالمي والتجزئة النهائية.
الإمداد الفعال لا يلبي الطلب فحسب، بل يمكنه أيضا أن يخلق الطلب. في الوقت الحالي، تتزايد “شجرة مهارات” قطاع التوصيل السريع في الصين باستمرار: فعلى سبيل المثال، أضاءت خدمات “اللوجستيات الفورية” مثل تسليم البضائع “بالتوصيل السريع المباغت”، وخدمة إيصال الهدايا “داخل المدينة”، و”خدمة الساعي” لجلب الأرقام التسلسلية للمواعيد، المزيد من احتياجات المعيشة الأساسية للناس.
ومثال آخر هو دخول قطاع التوصيل السريع إلى محطات السكك الحديدية فائقة السرعة والمناطق السياحية في المدن، مما يطلق العنان لحيوية استهلاكية تتمثل في “السائح في وجهته، لكن المنتجات المحلية الخاصة به في طريقها إلى المنزل”. كل هذه الأمور وغيرها جعلت قطاع التوصيل السريع يتجاوز خدمة الإرسال البسيطة ويترقى ليصبح بنية تحتية في العصر الجديد تدفع ترقية الاستهلاك وتسهل الدورة الاقتصادية.
البيانات المذهلة للـ180 مليار طرد لا يمكن أن تتحقق أيضا بمعزل عن الظروف اللوجستية الموثوقة والممتدة في الصين.
شبكة النقل تدعم السرعة: حتى نهاية عام 2024، أكثر من ثلث المقاطعات في جميع أنحاء البلاد متصلة بقطارات فائقة السرعة بين جميع مدنها، وأكثر من ثلثي المقاطعات متصلة بطرق سريعة بين جميع محافظاتها.
“الطرق السحابية” (الافتراضية) تزيد من الكفاءة: يتسم قطاع التوصيل السريع في الصين بالتآزر العالي مع صناعة التجارة الإلكترونية، وقد سار على طريق دمج التدفق اللوجستي، والتجاري، والمعلوماتي والمالي. إن معدلات تأخير وتلف وفقدان الطرود في الصين أقل بكثير من الدول المتقدمة، كما أن توقيت خدمة التوصيل السريع ودقتها واستقرارها في مستوى ريادي عالميا.
علاوة على ذلك، أدى خفض التكاليف وزيادة الكفاءة إلى ربط طريق اللوجستيات هذا بالمزيد من الفرص: في عام 2024، انخفضت إجمالي تكاليف الخدمات اللوجستية الاجتماعية على مستوى البلاد بنحو 400 مليار يوان، منها 280 مليار يوان انخفاضا في تكاليف النقل. هذه الأموال الحقيقية والقيمة تعود بالنفع على جميع الكيانات التجارية العاملة بين المصانع والمزارع والمراعي والأسواق، مما يضمن التوصيل الفعال لمنتجات الصين “البيع عالميا” و”الشراء عالميا”، ويدفع بقوة ترقية الصناعة، والنهوض الريفي، وتحسين معيشة الناس.
لا يمكن فصل الـ180 مليار طرد عن تحسين القدرة على الابتكار. وراء التنفيذ الفعال لكل شحنة، يلعب الإنسان الآلي (الروبوت) في مستودعات التخزين، ونموذج الرؤية بالذكاء الاصطناعي في فرز الشحنات، والنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) الخاصة بالمجال المتخصص في النقل، والمعدات غير المأهولة في مرحلة الاستلام والتوزيع، دورا لا يُستهان به. لا تعمل المعدات الذكية على تحسين كفاءة المعالجة فحسب، بل تجعل قطاع التوصيل السريع تدريجيا رابطا حاسما في سلسلة التوريد ذات التكنولوجيا العالية، والقيمة المضافة العالية، والسرعة الفائقة.
إن الـ180 مليار طرد ليست سوى محطة في طريق التطور. لكن من خلال مسار كل طرد، يمكن رؤية درجة حرارة الاقتصاد الصيني وحيويته وتغيراته بصورة أوضح.
- – تيان جيانينغ – إعلامية صينية من قناة CGTNArabic – الصين .
شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .