7:10 مساءً / 2 ديسمبر، 2025
آخر الاخبار

المفارقة المقيتة ، عربيٌّ يتفلّت من فلسـطين، وغربيٌّ يحضنها بلا تردد! بقلم : قمر عبد الرحمن

المفارقة المقيتة ، عربيٌّ يتفلّت من فلسـطين، وغربيٌّ يحضنها بلا تردد! بقلم : قمر عبد الرحمن

في مرحلةٍ أصبحت فيها الحقائق أوضح من الشمس، تبرز مفارقة تكاد تُصيب المرء بالدوار، عربيٌّ يتثاقل عن النطق بكلمة “فلسـطين”، ويتلعثم إن طُلب منه رأي، ويبحث عن مخرج لغوي آمن يُبعده عن أي التزام أخلاقي، وفي الجهة المقابلة، يقف لاعب كرة قدم غربي –كريستيانو رونالدو أو غيره– يرفع صوته بلا حساب، ويعلن تضامنه من قلب قلبه، غير آبهٍ بمن يغضب أو يرضى.

كأننا نعيش مشهدًا يصعب على العقل تفسيره، الذي وُلد على مقربة من الجرح يهرب منه، والذي يعيش على بُعد آلاف الكيلومترات، يقترب إليه بعفوية، ويراه جرحًا في جسد الإنسانية كلّها.

العربي، يرى في قول الحقيقة مجازفة!


يخشى بعض العرب من “التورط” في جملةٍ واحدة تدعم الحق. لا يريدون أن يتعكر مزاج شاشة، أو أن تغضب منصة، أو أن يُحسبوا على الذين لا يزالون يفرّقون بين الظالم والمظلوم. فيتلوّن خطابهم بتوازنٍ مصطنع لا يُقنع حتّى صاحبه: “نحن مع السلام، ومع جميع الأطراف، وضد العنف من الجميع”. جملةٌ تشبه ورقة امتحانٍ بيضاء، كتب صاحبها اسمه وغادر.

أما الغربي، فالبوصلة واضحة


يخرج لاعب أو فنان أو مفكر غربيّ ليقول كلمة حقٍّ ببساطة، بلا هندسةٍ لغوية، وبلا خوفٍ من الاتهام. لا يخشى أن يقول “هذا ظلم”. لا يعقد مؤتمرًا صحفيًّا ليشرح ما قصده. ولا يصحو في اليوم التالي ليعتذر عن “سوء فهم”. يقولها من قلبه؛ لأنّها عنده قضية إنسانية لا بروتوكولية.

زمنٌ مضحك، يصفّق للباطل ويراوغ في الحق


صار الدفاع عن المظلوم بطولةٌ نادرة، وصار الهروب من الحقيقة ذكاءً سياسيًا في عُرف البعض. وما يثير السخرية –المرّة– أنّ العربي الذي يتفلّت من الحقيقة لا يمنعه شيءٌ من التصفيق، بل يُصفّق كثيرًا، ولكن للّذي لا يستحق. بينما الغربي –الذي لا يُطلب منه شيءٌ أصلًا– يضع الأمور في نصابها، فيبدو صوت الحق خارجًا من مكانٍ لا يُتوقع.

الخلاصة، المفارقة المقيتة اليوم ليست أنّ العالم ظالم، فهذا أمرٌ قديم. المفارقة أن من يفترض به أن يكون الأقرب إلى فلسـ ـطين، هو الأبعد عنها قولًا وفعلًا، ومن لا تربطه بها أواصر الدم أو الجغرافيا، يجد نفسه أقرب إليها من كثيرين يدّعون القرب.

إنّه زمنٌ يضحك… لكنّه يضحك بسخريةٍ موجعة.

شاهد أيضاً

الباحثة المقدسية وفاء شاهر داري تشارك في مؤتمر الإبداع التربوي الدولي وتكشف آفاق التحول الرقمي في التعليم العربي

دراسة فلسطينية تطلق رؤية لمستقبل التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي

الباحثة المقدسية وفاء شاهر داري تشارك في مؤتمر الإبداع التربوي الدولي وتكشف آفاق التحول الرقمي …