12:38 صباحًا / 26 نوفمبر، 2025
آخر الاخبار

غزة ، حين تنهض السلالة من الطين وتكتبنا ، بقلم : سماحة حسون

غزة ، حين تنهض السلالة من الطين وتكتبنا ، بقلم : سماحة حسون

غزة ، حين تنهض السلالة من الطين وتكتبنا ، بقلم : سماحة حسون

هناك روايات لا نقرأها فقط، بل نسمح لها أن تتجوّل داخلنا كحضورٍ حيّ. هكذا كانت سلالة من طين: غزة الباكية بالنسبة لي؛ رواية دخلت قلبي بخطوات خفيفة، لكنها تركت فيه أثرًا يشبه أثر المطر على أرضٍ ظمأى.

وأنا أتنقّل بين صفحاتها، شعرتُ أن غزة لا تُروى بوصفها مكانًا، بل بوصفها قلبًا كبيرًا يتصدّع ولا ينكسر. كل شخصية بدت لي كأنها صدى لنبضٍ أعرفه:


مريم، بارتجافاتها الخافتة، كانت صورة لكل امرأة تُحاصرها القيود لكنها تُصرّ على أن تُنقذ ما تبقّى من روحها. وآدم، بحيرته وحنقه وأسئلته، بدا لي مرآة للرجل الذي يتعلم نفسه من جديد. أما هبة، فكانت شجرة صغيرة تنمو في العاصفة، بينما كان نضال، في عتمته، صوتًا لا ينطفئ حتى حين يُحاصر الجدار آخر أنفاسه.

الرواية لا تتحدّث عن غزة كمدينةٍ منكوبة؛ بل تقدّمها كأمٍّ متعبة تنام بعينٍ وتبقي الأخرى مفتوحة كي تحرس أبناءها. تقدّمها كطفلةٍ تبحث عن لعبةٍ ضاعت بين الركام، وكشابّةٍ تخبّئ حلمًا صغيرًا في جيبها كي لا يسرقه الليل. تقدّمها كإنسان، وهذا وحده كافٍ ليصير الحزن فيها لغةً، والصمود صلاةً، والحبّ فعل مقاومة.

ما أبهرني أنّ الكاتبـة لم تضع الألم في مركز الحكاية، بل وضعت الإنسان. وكأنها تقول لنا بهدوءٍ عميق:


إن الطين الذي نُخلق منه لا يظلّ طينًا. أحيانًا يتحوّل إلى حجرٍ يحمي، أو إلى أرضٍ تُنبت، أو إلى ذاكرةٍ تحفظ من نحبّ.

حين انتهيت من قراءة الرواية، شعرت أنّ غزة ليست حكاية تُروى، بل درسٌ في البقاء… درسٌ يمرّ من القلب قبل العقل، ويترك في الروح أثرًا يشبه أثر يدٍ تربّت عليك من مكان بعيد قائلة: “أنا هنا… وما زلت قادرة على الحياة”

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم الثلاثاء

اسعار الذهب اليوم الثلاثاء

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر كالتالي :عيار 22 86.300عيار 21 82.400